تعرب الأوساط الإسرائيلية عن قلقها، جراء تأثير تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة بسبب “الانقلاب القانوني” والتصعيد مع الفلسطينيين، على صناعة “السايبر” الذي تم بناؤها لمدة عقد أو أكثر، وتساهم بشكل مباشر في الأمن القومي الإسرائيلي وخزانتها المالية.
ويولد قطاع الإنترنت الهجومي في العالم، وفقًا للتقديرات 12 مليار دولار سنويًا، ما يسمح لدولة الاحتلال بحيازة إمكانية اختراق الهواتف المحمولة عن بُعد، في حين تريد الولايات المتحدة قيادة الميدان، واستهداف القدرات الإسرائيلية في هذا المجال، لاسيما وأن شركاتها هي المنافس الأكبر لنظيرتها الأمريكية، وهي الخاضعة لرقابة وزارة الحرب الإسرائيلية استنادا لاتفاقية دولية تسمى Wesnar تحدد المسموح والمحظور في هذا المجال الأمني الحساس.
عامي روحكس دومبا المراسل العسكري لمجلة يسرائيل ديفينس، ذكر أن “دولة الاحتلال بموافقتها على تصدير مثل هذه القدرات السيبرانية، تستطيع الاحتفاظ بقدرات معينة في الأدوات التجارية، بقدر ما تخدم أجهزتها الاستخباراتية، مع وجود اعتبار آخر لعدم السماح بتصدير القدرات التي لديها القدرة على مراقبة العمليات الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم، وهي إمكانية وقوع بعض الأدوات، في الأيدي الخطأ، وبالتالي فإنه يمكن من خلالها مراقبة العملاء الإسرائيليين أيضًا”.
وأضاف في مقال أنه “رغم القيود على صادرات صناعة السايبر الإسرائيلية، فقد ازدهرت لسنوات عديدة، وبلغت ذروتها بأكثر من مليار دولار من الصادرات التراكمية سنويًا، ولعل أكبر شركة إسرائيلية هي NSO، التي تدر حاليا 250- 300 مليون دولار سنويًا، بجانب شركة Vintago، ووجود 10- 16 شركة أصغر، ذات النشاط المتزايد في بلدان تتساهل في عملها مثل قبرص وبلغاريا، رغم أن 2021 شهد وقوع انهيار مالي لهذه الصناعة بإسرائيل، حين عاقبت واشنطن شركتين إسرائيليتين، وهما NSO و Candiru”.
وأكد أنه “سبق هذا القرار الأمريكي حملة إعلامية طويلة تهدف لتشويه سمعة أنشطة NSO، ربما بسبب المراقبة الأمنية الإسرائيلية للفلسطينيين حاملي الجنسية الأمريكية، وقد تمت مراقبتهم دون موافقة البيت الأبيض، ما أدى لفرض عقوبات على الشركة الإسرائيلية، وأثر ذلك بدوره على صناعة الإنترنت الهجومية بأكملها في إسرائيل، مع أننا أمام غيض من فيض من المواجهة الأمريكية الإسرائيلية في عالم السايبر، حيث تقاتل شركات الهجوم السيبراني الإسرائيلية للحفاظ على حياتها”.
وأشار إلى أن “العقوبات الأمريكية مثلت ضغوطا سياسية على الحكومة الإسرائيلية لقطع الأسواق المستهدفة للشركات الإسرائيلية من خلال وزارة الحرب، وبدلاً من أن تكون قادرة على البيع لـ100-150 دولة، فإنها ستكون محصورة في البيع لبضع عشرات من الشركات الإسرائيلية فقط، بل إنها فشلت مؤخرا بالحصول على عملاء في أوروبا وأمريكا الشمالية ومجموعة من البلدان الآسيوية، لأن أدوات التعقب الإلكتروني الإسرائيلية المطورة يمكنها تعقب العملاء والدبلوماسيين الأمريكيين، وبالتالي أن تسبب صداعا للمخابرات الأمريكية”.
الخلاصة من هذه الأزمة الصامتة مع أجهزة الأمن الأمريكية، أنه رغم حصول نظيرتها الإسرائيلية على دعم كبير جدًا من أموال الضرائب بقيمة 13 مليار شيكل، وتحويلها إلى ميزانية جهازي الموساد والشاباك، فإنها في ذات الوقت لا تزال غير قادرة على امتلاك شركة برمجيات بهذا الحجم، ما يضطرها لشراء منتجات تجارية حول العالم، أي أن الإدارة الأمريكية تكون قد نجحت في قتل الصناعة السيبرانية الهجومية الإسرائيلية.
ونتيجة لهذه الأزمة القائمة مع واشنطن، فقد بدأ السوق الإسرائيلي في هذا المجال يتلاشى، وهناك تساؤل حول ماذا سيتبقى منه في غضون ثلاث أو أربع سنوات أخرى، في ضوء قيام رواد الأعمال والباحثين بتأسيس شركات خارج “إسرائيل”، وستؤدي مثل هذه الهجرة لمغادرة أموال الضرائب والمعرفة لإسرائيل، أي أن الصناعة التي تم بناؤها هنا لمدة عقد أو أكثر، وتساهم بشكل مباشر في الأمن القومي الإسرائيلي، لم تعد موجودة بسبب إجراءات البيت الأبيض ضدها.
عربي21