​​تحذير مبكر وجدل واسع.. القصة الكاملة لرفض “النواب” قانون ن

كتب- نشأت علي:

شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، جدلًا واسعًا حول قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية؛ ما دفع أعضاء البرلمان لرفضه، بعد تصويت أغلبية الأعضاء بعدم موافقتهم على القانون من حيث المبدأ .

ويرصد “” أبرز النقاط الخلافية التي دفعت أعضاء البرلمان لرفض مشروع القانون الذي وافقت عليه لجنة الإعلام بأغلبية الأعضاء.

تحذيرات مبكرة

قبل مناقشة القانون، قال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، يتعلق بحرية التعبير والإبداع، مؤكدًا أن هناك مسائل دستورية وقانونية واجبة الانتباه، قائلًا: أرجو الانتباه بدقة إلى مشروع القانون.

وطالب رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة العامة اليوم الأحد، بالالتزام بالوقت المحدد وهو دقيقتان لكل نائب، موضحًا أنه سيتم انقطاع مكبر الصوت تلقائيًّا.

وطالب رئيس النواب بالتركيز على الكلمة وعدم التلاوة من ورقة؛ لعدم إضاعة الوقت وترتيب الكلمة في المدة المحددة، مشددًا على أن هذا الإجراء سينطبق على جميع الضبطية القضائية تثير الجدل.

جاء رفض النواب مشروع القانون بسبب فرض الضبطية القضائية؛ حيث اعترض النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة، على منح الضبطية القضائية للنقابة، قائلًا: لما كل النقابات هتاخد الضبطية القضائية.. مين اللي هيتحبس؟!

وتساءل عضو مجلس النواب: هل سيقضي هذا القانون على الفن الهابط؟ قائلًا: أريد من الحكومة الإجابة عن هذا السؤال.

وأكدت النائبة نشوى الشريف، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن الضبطية القضائية ستساعد على “الشلالية”، قائلة: “العمل النقابي لا يصلح معه الضبطية القضائية”.

وأشارت النائبة أن موافقة المجلس على منح الضبطية القضائية للنقابات الفنية سيفتح الباب أمام نقابات أخرى للمطالبة بالحصول على الضبطية القضائية.

وقالت النائبة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب، إن مشروع قانون تعديلات قانون نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، يأتي في مجمله لزيادة موارد النقابات؛ ولكنْ هناك نقطتان في غاية الأهمية، إحداهما أنه لا يجوز إغلاق للمنشآت حال المخالفة، مؤكدةً أن هذا الأمر غاية في السوء؛ لكونه يهدر الكثير في تلك الصناعة.

وأضافت مها عبد الناصر خلال كلمتها أن تحرير غرامات مالية أفضل من الإغلاق حال مخالفة المنشآت .

وقالت عبدالناصر إن الضبطية القضائية التي نص عليها مشروع القانون ليست لها أية ضمانات واضحة لعدم استخدامها لأي عرض أو عمل فني تحت شعار مخالفته الذوق العام، مشددةً على أن الوقت الراهن يشهد طفرة تكنولوجية هائلة؛ حيث يمكن لأي طفل صغير من خلال الدخول إلى عالم الإنترنت أن يصنع محتوى ويعرضه على المنصات الإلكترونية.

وقال النائب محمد عبدالرحمن راضي، إن المشروع المعروض يزيد من موارد نقابات المهن التمثيلية والموسيقية والسينمائية والنقابات الثلاث تدعم هذا القانون لتعظيم مواردها.

وأضاف راضي: “هنا أوجه سؤالي إلى النقابات الثلاث وللحكومة ممثلة في وزيرة الثقافة: ما النفع الذي سيعود من هذه التعديلات على المنتج المقدم من هذه المهن وهل سنرتقي بالفن؟”

وتابع النائب: “هل سنمنع الأعمال المبتذلة التي يطلق عليها فن؟ هل سنحمي فكر ومستقبل أبنائنا من التشويه الذي يرتكبه العديد من الممثلين أو الموسيقيين ويقولون عليه إنه فن؟ أطلب من الحكومة الرد على سؤالي: ما أثر إقرار هذا القانون على الأعمال السينمائية والتمثيلية والموسيقية؟”.

ورفض راضي منح الضبطية القضائية لأعضاء النقابات بصفة عامة، قائلاً: الناس كلها عاوزين ضبطية قضائية يبقى مين هيتحبس؟!

وتابع النائب: النقابات دي فيها مصالح مختلفة وشخصية بين أعضائها والمناصب فيها تتبدل كل فترة، مشيرًا إلى أنه لما المناصب تتبدل المصالح بتتعارض.. وشفنا حاجات على أرض الواقع زي كده، “يعني مثلاً لما إيمان البحر درويش ومصطفى كامل يسبان بعضهما وهما ابنا مهنة واحدة وكل واحد فيهما كان يحاول أن ينتقم من الآخر.. تخيلوا لو كانت معهما ضبطية قضائية، إيه اللي هيحصل؟!”.

وشدد النائب أحمد الشرقاوى على أن تعديلات قانون نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقبية، يصطدم بالمادة 167 المتعلقة بحرية الإبداع، والمادة 177 التي تم تفسيرها بشكل خاطئ من اللجنة البرلمانية التي أعدت مشروع القانون، وقال: الإبداع يعني الجميل والجيد.

واستطرد النائب: كيف ستحاكمون مطربي المهرجانات.. الطعن في الأعراض أو المساس بالأخلاق أو التنمر هو الشيء الوحيد الذي يعاقب عليه القانون.

واستنكرت النائبة أميرة العادلي، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، ما تضمنه مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، من مادة تخوِّل لوزير العدل بالاتفاق مع النقيب سلطة إصدار قرار بتحديد من لهم صفة الضبطية القضائية حال مخالفة أحكام القانون.

وأعربت العادلي عن اندهاشها بعد ثورتَين، لوجود هذا النص الذي اعتبرته مخالفاً للدستور، وبينما يجب محاربة التطرف نضع ضبطية قضائية لمحاربة “المبدعين”!.

وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن محاربة الإسفاف والمواد غير اللائقة في بعض الأعمال، بالفن وتقديم منتج آخر بديل، وليس بالملاحقة لشباب المبدعين، وكأن العالم قاصر على هذه الأعمال ولا يوجد يوتيوب.

مؤيدو القانون

وافق النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، على إقرار الضبطية القضائية لنقابات المهن السينمائية والموسيقية، لمواجهة الأعمال الهابطة والتي تهدد قيم المجتمع المصري.

وأكد بكري أن هناك العديد من الأعمال الفنية الهابطة؛ ومنها ما هو ينتقص من مبادرة مثل حياة كريمة، بينما كان هناك عمل آخر مثل “الاختيار” الذي لاقى قبول وإعجاب كل المصريين.

وأوضح النائب أن لجنة الثقافة والإعلام بها العديد من المختصين في هذا الشأن، ومنح الضبطية القضائية لا يتعارض مع حرية الفن والإبداع.

واتفق مع بكري النائب محمد هاشم، عضو مجلس النواب، قائلًا: أهل مكة أدرى بشعابها، ولجنة الثقافة والإعلام بها قامات يعلمون ما هو الأفضل بالنسبة إلى الفن والإبداع.

وقال النائب: بسبب بعض الدخلاء وانتشار بعض الأسماء؛ مثل شاكوش وغيره أصبحت مصر بلا هوية، لافتًا إلى أن الفن في الماضي كان له وضع كبير وكانت به أسماء لامعة؛ مثل يوسف بك وهبي وغيره من الفنانين الكبار.

وأكدت النائبة أميرة أبو شقة، عضو مجلس النواب أن مشروع القانون المعروض على البرلمان اليوم والخاص بنقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية يُصحح الأوضاع المالية لهذه النقابات المهددة بالعجز الشديد في ميزانيتها، مطالبةً الحكومة بتصحيح الأوضاع المادية والنظر إلى قضية مهمة حيث تفكيك الهوية المصرية، بقولها: “قعدت أنا وأولادي لقينا أول مسلسل بيقول قواعد الطلاق الـ45.. متسائلة: هنتفرج على إيه تاني ؟!”.

وأشارت أبو شقة في ما يخص الضبطية القضائية، إلى أنها سألت شخصاً رفيع المستوى في إحدى النقابات عن هذه المسألة، فقال لي إنه أحيانًا ما يعتلي مطرب أو ممثل خشبة المسرح، ويواصل الإسفاف لعدم امتلاك النقابة قدرة على التحرك سوى تحرير مخالفة وتوجيه الدعوى إلى النيابة العامة لمباشرة عملها.

توضيح لم يشفع للقانون

مع تزايد عدد أعضاء النواب رافضي مشروع القانون، منح المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، الكلمة للنائبة درية شرف الدين، رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، التي عقبت على اعتراضات بعض النواب بمنح الضبطية القضائية لنقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، مؤكدةً أنه لا بد من وقفة تجاه ما وصلنا إليه من إسفاف وابتذال.

وقالت شرف الدين، في تعقيبها: للأسف عندما يصل الأمر إلى الإسفاف والابتذال، فلا بد من وقفة تجاه ذلك؛ خصوصاً أن جهاز الرقابة على المصنفات لدينا شبه معطل، على مستوى الجمهورية.

وأضافت شرف الدين: للأسف، الأمر أصبح في مصر سداحاً مداحًا، وعندنا بحثنا إمكانية تفعيل الرقابة، وجدنا أن المختصين غير مؤهلين للحكم على الأعمال الفنية، لذلك فكرنا في منح تلك الرقابة لأعضاء النقابات الفنية بصفتهم مؤهلين للحكم وتقييم تلك الأعمال، لا سيما أن أجهزة الرقابة على مستوى الجمهورية غير موجودة.

وتابعت النائبة: بعدما وصلنا إلى تلك المرحلة بشأن التراجع في الإنتاج الفني، كان لا بد من التوقف أمامه، مضيفةً: للأسف بعض مقدمي تلك الأعمال يسافرون إلى الخارج لعرض تلك الأعمال المبتذلة، وللأسف هناك دولة شقيقة تستضيف تلك الأعمال.

وأضافت شرف الدين: أرى أن تلك الفترة هي فترة مؤقتة في تاريخنا، وأن تلك الظواهر الفنية تحتاج إلى وقفة فنية كبيرة.

رفض القانون

بعد جدل كبير وسجال متواصل بين النواب الرافضين والمؤيدين للقانون، قام المستشار حنفي جيالي رئيس المجلس، بغلق باب المناقشة بعد مداخلات عديدة من أعضاء المجلس، وعرض مشروع القانون على النواب للتصويت عليه، من حيث المبدأ، سواء بالموافقة أو الرفض، وصوت أغلبية النواب برفض مشروع القانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.