يقول المثل السائر إن من يده في النار ليس كمن يده في الماء. تلك هي حال بريطانيا أمس؛ إذ تواصل الانخفاض المتوالي في عدد الإصابات الجديدة، من أكثر من 200 ألف إصابة خلال الأسابيع الماضية إلى 84.429 حالة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، بحسب أرقام وزارة الصحة أمس. وهو تناقص حدا بخبراء وعلماء، وبسياسيين بالطبع، إلى الزعم بأن موجة أوميكرون في طريقها إلى نهاية وشيكة. وهكذا فقد عاد إلى شوارع لندن وقطاراتها وحافلاتها الصخب والزحام المعتادين. وتناقلت الصحف أمس على نطاق واسع تصريحات المحاضر في جامعة واريك وعضو اللجنة الحكومية لمكافحة وباء الإنفلونزا البروفيسور مايك تندسلي، التي قال فيها إن هذه الأرقام التنازلية «أخبار سارة سروراً مشوباً بالحذر»؛ وإنه يأمل بأن تنشأ علاقة مع الفايروس أشبه بعلاقة بريطانيا مع الإنفلونزا… بحلول نهاية السنة الحالية. وأوضح تندسلي أن البيانات تؤكد هبوط الإصابات الجديدة بنسبة 38% خلال الأيام السبعة الماضية، وأنها تتراجع في جميع مناطق بريطانيا بلا استثناء.
ولم تخفف تلك الأنباء السارة من الأزمة التي تواجهها زعامة رئيس وزراء حكومة حزب المحافظين بوريس جونسون، الذي تتزايد مطالب نواب حزبه بعزله، إذا لم يقدم استقالته، بعد افتضاح مشاركته في حفلات صاخبة في مقره الرسمي، منتهكاً الإرشادات الصحية الصارمة التي أعلنتها حكومته في أتون التفاقم الوبائي. ولم تخل صحيفة بريطانية أمس (الثلاثاء) من تناول المصير المحتمل لجونسون. واتضح أمس أن تأييد المحافظين انحدر بنحو 13 نقطة مئوية في أحدث استطلاع للرأي، لمصلحة حزب العمال المعارض، الذي يتزعمه كير ستارمر. ورأت بلومبيرغ أمس أنه ليس من المحتمل أن يعمد جونسون إلى الاستقالة. ولذلك ستتوقف تنحيته على احتمالات تزايد عدد النواب المحافظين الذين يرفضون زعامته. وهو ما تقوم به عادة «لجنة عام 1922»، التي انعقدت للمرة الأولى قبل 100 عام، وأسقطت حكومة ائتلافية، ونادت بانتخابات عامة أعطت المحافظين تفويضاً شعبياً واسعاً. وإذا قرر 15% من نواب المحافظين في مجلس العموم (البرلمان) تحدي زعامة رئيس حكومتهم، فإنهم يكتبون بهذا المعنى إلى رئيس اللجنة، الذي سيكون لزاماً عليه طرح الثقة برئيس الوزراء. وفي حالة جونسون؛ يجب أن يبلغ عدد أولئك النواب 54 نائباً. وحتى لو خرج جونسون من مثل هذا التحدي سالماً؛ فإن ذلك لن يعطيه حصانة من حجب الثقة عنه لأكثر من عام واحد. وإذا أدت الفضيحة الراهنة المعروفة بـ«حفلة غيت» إلى الإطاحة بجونسون؛ فمن المرجح أن التنافس على خلافته سينحصر بين وزير الخزانة ريشي سوناك، ووزيرة الخارجية ليز تروس.
وبعيداً عن بريطانيا؛ برزت الأوضاع المتصلة بتفاقم الأزمة الصحية في الصين؛ حيث أدت عمليات الإغلاق الناجمة عن التشدد في تطبيق سياسة «صفر كوفيد» إلى إغلاق مصنعي شركتي تويوتا وفولكسفان في مدينة تيانجن، التي تقع على بعد 108 كيلومترات إلى الجنوب من العاصمة بكين. وأرغم تفشي الفايروس الصين أمس الأول على وقف بيع تذاكر منافسات الألعاب الشتوية الأولمبية، التي من المقرر أن تبدأ في الصين في 4 فبراير القادم. وقالت بكين إنها بدلاً من ذلك ستختار مجموعة من الجمهور لدعوتهم لحضور الألعاب الأولمبية. ورفعت مقاطعة فكتوريا الأسترالية مستوى إنذار الطوارئ في مستشفيات مناطقها الحضرية، التي تشهد زيادة كبيرة في حالات التنويم. والأسوأ أن أستراليا أعلنت أمس (الثلاثاء) أكبر عدد من الوفيات الوبائية في يوم واحد، وهو 74 وفاة.
أوميكرون تتحدى الجيش الأمريكي!
أعلن الجيش الأمريكي الليل قبل الماضي أن رئيس الهيئة المشتركة لأركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارك ميللي تأكدت إصابته بفايروس كوفيد19، إثر فحص أجري له الأحد. وقال المتحدث باسم الهيئة المشتركة للأركان الكولونيل دايف بتلر إن الجنرال ميللي حصل على جرعتي اللقاح، علاوة على جرعة تنشيطية ثالثة. وأضاف أنه يشعر بأعراض طفيفة، ويمارس مهماته من منزله. وزاد أن آخر لقاء لميللي بالرئيس الأمريكي جو بايدن تم في 12 يناير الجاري، أثناء تشييع جنازة. وأضاف أن الجنرال ميللي ظل يخضع للفحص يومياً منذ ذلك التشييع، وكانت النتيجة سالبة، إلى أن جاءت نتيجة الفحص الذي أجري له الأحد الماضي لتؤكد إصابته. وقال بتلر إن قائد سلاح البحرية الجنرال ديفيد بيرغر تأكدت إصابته أيضاً. بيد أن نتيجة الفحص الذي أجري لبقية رؤساء أركان الجيوش الأمريكية جاءت سالبة. وتتكون الهيئة المشتركة للأركان من رئيس الهيئة الجنرال ميللي، ونائبه، ورئيس أركان الجيش، وقائد عمليات البحرية، وقائد القوات الجوية، وقائد سلاح البحرية، ورئيس مكتب الحرس الوطني، وقائد العمليات الفضائية. وكان وزير الدفاع الأمريكي الجنرال لويد أوستن أصيب بالفايروس خلال الشهر الجاري.