تُصادف اليوم السبت، الذكرى السنوية الـ37 على مجزرة “حمام الشط” في تونس، التي راح ضحيتها 50 شهيدا فلسطينيا، و18 شهيدا تونسيا، و100 جريح، وخسائر مادية قُدرت بـ8.5 مليون دولار.
وكانت قد شنّت طائرات الاحتلال، غاراتها في صباح يوم الثلاثاء في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1985، على المربع الأمني في ضاحية مدينة حمام الشط، جنوب العاصمة التونسية، في محاولة للقضاء على قيادة الثورة الفلسطينية دفعة واحدة.
كانت هناك العديد من المقار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ مكتب الرئيس الراحل، ياسر عرفات، وبيته الخاص، ومقر الحرس الرئاسي، والإدارة العسكرية التي تحتفظ بأرشيف مقاتلي الثورة الفلسطينية، والإدارة المالية، وبعض بيوت مرافقي ياسر عرفات والموظفين في مؤسسات المنظمة، جميعها سُويت بالأرض خلال أقل من عشر دقائق، مستهدفة بشكل رئيسي الرئيس عرفات، والذي نجا بعد مغادرته المكان قبل القصف بنصف ساعة.
وقالت رواية أخرى، حول نجاة الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات (أبو عمّار)، أنه وصل إلى مطار تونس – قرطاج في العاصمة تونس، وافدا من المغرب، في ليلة المجزرة. كان في استقباله وزيرٌ تونسيّ وعدد من كوادر منظمة التحرير، رصدت عناصر “الموساد” موكبه يتحرك نحو مقر قيادة المنظمة في حمام الشطّ. وإلى جانبه جلس حكم بلعاوي في السيارة، وهو السفير الفلسطيني في تونس آنذاك، وأخبره بأن ضيفا عربيا هاما ينتظره في مقر إقامة السفير، في ضاحية مرسى النسيم شمال العاصمة تونس.
ياسر عرفات بعد نجاته من الاغتيال (Gettyimages)
فورا، أمر ياسر عرفات سائقه بالخروج عن سرب السيارات الطويل، والانزواء يمينًا نحو مرسى النسيم، بينما واصل الموكب طريقه العاديّ نحو حمام الشطّ. لم ينتبه عملاء الموساد لهذا التغيير المفاجئ. في مقر إقامة حكم بلعاوي، اجتمع عرفات مع ضيفه العربيّ وتواصل اللقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، فقرر في أعقابه المبيت هناك.
خرج عرفات بعد الغارة مباشرة ومن فوق الدمار، أعلن للعالم عبر وكالات الأنباء والإذاعات والتلفزة أنه حي يرزق. وذلك في الوقت الذي كان فيه قادة الاحتلال فرحون بمقتله وعدد كبير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، في عملية القصف التي أطلق عليها اسم “الساق الخشبية”.
وفي شهادة مدير مكتب “وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا” في تونس طاهر الشيخ على تلك المرحلة يقول: كان ضباط سلاح الجو الإسرائيلي بقيادة عاموس لابيدوت، يرافقهم عناصر الموساد بقيادة ناحوم أدموني، يستعدون للاحتفال بالمجزرة، حتى ظهر لهم أبو عمار فجأة متصدرًا الشاشات، واقفا على رُكام بيته المدمر، متوعدا إسرائيل بالرد القاسي.
علم الاحتلال عبر جواسيسه أن القيادة الفلسطينية على موعد مع اجتماع كبير ومهم في مربعها الأمني بحمام الشط عند التاسعة والنصف من صباح الثلاثاء الأول من أكتوبر 1985، فأعد عدته للهجوم على الاجتماع وكسر ما لم يستطع كسره في احتلاله ومحاصرته لبيروت طيلة 88 يوما في صيف عام 1982.
ودعت القيادة ضباطها وقادتها في الجزائر وتونس واليمن للالتحاق بالاجتماع، وفي صباح يوم الاجتماع كان ياسر عرفات يتمشى على شاطئ البحر، وعند الساعة التاسعة أبلغه مدير مكتبه العسكري بتأجيل الاجتماع لأن عددا من كبار الضباط لم يتمكنوا من الوصول إلى تونس بسبب حجوزات الرحلات الجوية ما حتم تأجيل الاجتماع للمساء.
في عدد من التقارير الإخبارية المنشورة مؤخرا من قبل شبكات إعلامية تونسية وعربية، بدا واضحا اختفاء آثار القصف الإسرائيلي على حمام الشط، رغم مطالبات بإبقائه شاهدا حيا على الجريمة الاسرائيلية. ولم يتبق من المكان سوى مقبرة الشهداء وساحة ينتصب فيها تمثال الشهداء والذكرى.
رغم ندرة تفاصيل تلك الغارات الهمجية، والصور الآتية منها، وقلة من كتبوا عنها وعن أسماء من رحلوا فيها شهداء، إلا أنها عُدت أكبر محاولة احتلالية لاغتيال قادة الثورة وعلى رأسهم ياسر عرفات، وربما تكون الوحيدة خارج حدود لبنان التي يحاول فيها الاحتلال القضاء على قادة فلسطينيين بالقصف بالطائرات الحربية.
قسم من أسماء شهداء المجزرة
عبد العزيز إبراهيم، ومحمد أحمد حجازي، وعزيز صالح زعيني، وفيصل محمود شريدي، ومحمد محمود عواد، ونجيب موسى، ومنيرة الحصري، وزياد نعساني، وعلي أبو خضرا، ومحمد شهاب، ومحمد سعيد العيساوي، وصالح عوض، ويوسف الداية، وهدى شعلان، ونبيل قشعم، وأحمد عيد هلال، وجهاد مقاري، ومحمود موعد، ومحمود المدني، وعبد الناصر صليبي، وحامد أبو حمص، وأحمد عمر عوض جابر، ومجدي شفيق الأنصاري، وسعد محمد بدوي، وفؤاد مصطفى أبو الفتح، ومحمد الغول، وجورج مريبع، وعلى جوهر، وعبد الحليم جرار، ومعتصم عبد اللطيف هواري، ونعيم يوسف عازم، وعبد الكريم عارف عبد الخالق، وجميل أبو النور، وبسام سليم حرور، وخضر داود الطيراوي، ومحمد عبد الله أبو عياش، وخالد أبو الغول، وخالد أبو الغول، وعرفات شاهين، وطه عبيد، وتيسير الشهابي، وسمير إسماعيل، وعلي أزموز، ورياض طه، ومحمود ضاهر، وسامي البعاج، وعلي عيسى الخطيب، وفادي أبو وائل.