وذكر الخبير الاقتصادي كونستانتين تسيرازوف في تقرير تحليلي حول اقتصاد المملكة أن المملكة استطاعت في وقت قصير تجاوز تركيا وهولندا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتحتل حاليا المركز الـ 17 في العالم، كما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 1.1 تريليون دولار، وهو نصف حجم الاقتصاد الروسي. كما تحتل المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد بين 16 دولة في الشرق الأوسط.
تقييم التنوع الاقتصادي
يرى تسيرازوف أن اقتصاد المملكة العربية السعودية لا يزال في حاجة إلى التنوع، حيث تعمل صناعة النفط كمحرك للنمو في البلاد لأكثر من 80 عاما. وظلت حصة قطاع الصناعات الاستخراجية عند مستوى يتراوح بين 35% و40% من القيمة المضافة الإجمالية على مدى السنوات الـ 15 الماضية، على الرغم من تركيز البلد على تطوير قطاعات التكنولوجيا الفائقة في الاقتصاد والسياحة.
مضيفا: «باعتبارها واحدة من أكبر منتجي النفط وعضوا في أوبك +، تواصل المملكة الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط العالمية. في عام 2022، نما الاقتصاد بنسبة 8.7%، مما أدى إلى فائض في الميزانية لأول مرة في السنوات العشر الماضية. ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير على النفط يشكل مخاطر كبيرة على الاقتصاد في حالة حدوث تقلبات كبيرة في أسعار النفط العالمية، مما يؤكد الحاجة إلى التنويع الاقتصادي. وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينمو اقتصاد المملكة العربية السعودية بمعدل متوسط قدره 10% سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفي عام 2028».
مشاريع عملاقة
مضيفا أنه في عام 2016 قدمت المملكة برنامج «رؤية 2030»، ويهدف البرنامج إلى تغيير جذري في هيكل الاقتصاد السعودي وزيادة جاذبية البلاد للمواطنين والسياح والمستثمرين. ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي حجم الاستثمار في إطار رؤية 2030 حوالي 3.3 تريليونات دولار.
مضيفا أنه من المشاريع الكبيرة ضمن رؤية 2030 بناء مدينة نيوم المستقبلية ذات التقنية العالية ومنخفضة الكربون، ومن المتصور أن تكون نيوم ساحة اختبار للتقنيات ذات التأثيرات الثورية المحتملة على حياة الناس اليومية. وتبلغ التكلفة التقديرية للمشروع 500 مليار دولار.
وفي الوقت الحالي تتجاوز تكلفة المشاريع التي يتم تنفيذها في إطار رؤية 2030، بما في ذلك بناء نيوم ومدن المنتجعات على ساحل البحر الأحمر، 1.3 تريليون دولار، متجاوزة الناتج المحلي الإجمالي السنوي للمملكة العربية السعودية. في الإطار الزمني للمشروع، من المتوقع بناء 660.000 منزل، و 289.000 غرفة فندقية، و 6 ملايين متر مربع من المساحات المكتبية، و 5.3 ملايين متر مربع من مساحات البيع بالتجزئة.
زيادة الاستثمارات
مضيفا أنه من المقرر أيضا زيادة الاستثمارات في القطاع التقليدي. ففي الآونة الأخيرة، قامت المملكة بزيادة الاستثمارات في صناعة التعدين، لا سيما في رواسب النحاس والزنك. كما أن تعدين اليورانيوم والفوسفات له أهمية أيضا، مما قد يمكن البلاد من تطوير برنامجها النووي في المستقبل.
كما تشجع الحكومة بنشاط تدفق رأس المال الأجنبي إلى البلاد. أحد الأهداف هو تحويل الرياض إلى رائدة بين مدن العالم. ومن المتوقع أن تدخل الرياض قائمة أفضل 10 مدن في العالم من حيث الحجم الاقتصادي، حيث يتضاعف عدد سكان المدينة ليصل إلى 15 مليون نسمة. تهدف الرياض إلى أن تصبح وجهة جذابة للمغتربين وتتنافس مع أقرب جيرانها، بما في ذلك دبي، والدوحة، والمنامة.
مقرات الشركات الاقليمية
مضيفا أنه في عام 2023 أدخلت المملكة العربية السعودية لوائح تحد من قدرة مؤسسات الدولة على التعاون مع الشركات الدولية إذا لم تنشئ هذه الشركات مقرات إقليمية في المملكة العربية السعودية بحلول يناير 2024. وقد شجعت هذه اللوائح الجديدة الشركات الدولية التي كان لها في السابق مكاتب في دول أخرى في الشرق الأوسط على فتح مكاتب في المملكة العربية السعودية