ما هي التقنيات الناشئة التي تقود صناعة التكنولوجيا في عام 2021، وبالتالي عالم الأعمال والأموال، لتغير وجه العالم كما نعرفه؟
لمساعدة المؤسسات في التعرّف على وضعها الحالي، أصدر مجتمع التقنيات الناشئة (CompTIA) قائمة بأفضل 9 تقنيات ناشئة لعام 2021؛ وما يميز هذه القائمة هو أنها تركز على “التقنيات الناشئة التي لديها أكبر احتمالية للتأثير على الأعمال على المدى القريب”.
نعدد فيما يلي، اختيارات CompTIA مع شرح سريع لكل تقنية وبعض نماذج استخداماتها المحتملة في عالم الأعمال، وفق ما عدده موقع Big Think الأمريكي.
1- الذكاء الاصطناعي
يظل الذكاء الاصطناعي العام هو المحور الرئيسي للبحوث التكنولوجية، ويتمثل في آلة لديها وعي ذاتي تصدر الأوامر بذكاء يضاهي ذكاء البشر. ستكون تلك الأنظمة النظرية بمثابة نظراء البشر الفكريين، وذلك حتى يصدر الإصدار الثاني من الذكاء الاصطناعي ويهبط البشر إلى المرتبة الثانية.
وحتى ذلك الحين، ابتكر الإنسان ذكاء اصطناعياً محدوداً تجسد في أنظمة تؤدي مهام محددة للغاية.
إلا أن الذكاء الاصطناعي، برغم محدوديته، يغذي أنظمة كاملة مثل مرشحات الرسائل الخبيثة والمزعجة، وخرائط جوجل، وبرامج المساعد الافتراضي مثل “سيري”. ومن المتوقع أن نشهد تنوعاً أكبر في استخداماته.
وتتضمن الأمثلة التي يمكن للذكاء الاصطناعي المحدود تحسينها مستقبلاً روبوتات الدردشة، والسيارات ذاتية القيادة، والخدمات اللوجيستية، وخدمات التمريض الافتراضية، والكتب الدراسية والتعليم الشخصي، وحتى الإبداع الاصطناعي.
2- الجيل الخامس (5G) وإنترنت الأشياء
قد لا تكون تقنية الجيل الخامس مثيرة لكثيرين، فلدينا شبكات الجيل الرابع بالفعل، فما فائدة هذا الجيل الجديد؟ الفارق كبير جداً.
شبكات الجيل الخامس ستكون في النهاية أسرع 100 مرة من شبكات الجيل الرابع، وتسمح باتصال عدد أكبر من الأجهزة، وتقليص التأخير والتباطؤ إلى الصفر تقريباً، وتوفير إشارات يمكنك الاعتماد عليها بشكل أكبر.
ستكون تلك التقنية اللاسلكية هي الدعامة الأساسية لإنترنت الأشياء (IoT)، الذي سيوسع نفوذ الإنترنت خارج أجهزة الكمبيوتر والهواتف ليمتد إلى مجموعة أكبر من الأجهزة والعمليات والبيئات.
ويرى الخبراء أن إنترنت الأشياء تقنية أساسية للمشاهد المستقبلية المرتقبة مثل المدن الذكية وروبوتات الزراعة، وأنظمة الطرق السريعة ذاتية القيادة.
أما بالنسبة للشركات والأعمال، سيصبح التحوّل إلى شبكات الجيل الخامس توجهاً مطلوباً، لأن المكاتب التي أصبح أغلبها يعمل عن بُعد ستكون أكثر مصداقية وموثوقية عندما تعمل بنموذج شبكات الجيل الخامس؛ لما توفره من إمكانات مشاركة البيانات بشكل فوري، وبث الفعاليات والأحداث المباشرة بانسيابية، وغيرهما من المزايا.
بدوره، نشر موقع ناتشورال نيوز الأمريكي تقريراً بعنوان: “رعب تكنولوجي: 7 أسباب قد تؤدِّي إلى تسبُّب شبكات الجيل الخامس في كارثة عالمية”، حذَّر فيه من أن هذه التقنية ستغير إلى الأبد معالم التطور البشري، مضيفةً إلى الخلايا البشرية وأنظمة الطاقة الدقيقة للجسم البشري نبضاتٍ مستمرةً من موجات الراديو التردُّدية والحقول الكهرومغناطيسية؛ ما قد يتسبَّب في كارثة عالمية من المشاكل الصحية عند البشر.
3- الحوسبة بلا خوادم
الحوسبة بلا خوادم ليست حقاً “بدون خوادم”. النفي هنا من الممارسات الدعائية المشينة، فمن المستحيل توفير موارد حاسوبية دون وجود خادم فعلي بمكان ما. في الواقع، تعمل هذه التقنية على توزيع تلك الموارد بطريقة أكثر فعالية.
عند عدم استخدام تطبيق ما، لا تُخصَّص أي موارد لذلك التطبيق، وعندما تصبح هناك حاجة لتلك الموارد، يُوزَّع استهلاك تلك الموارد تلقائياً بحسب حاجة كل تطبيق وعملية.
هذا التحول التقني يعني أن الشركات لن تعود بحاجة إلى القلق بخصوص البنية التحتية أو حجز النطاق الترددي، مما يؤدي بدوره إلى سهولة أكبر في الاستخدام وتوفير كثير من التكاليف.
4- القياسات الحيوية أو Biometrics
تسمح القياسات الحيوية للنظام بالتعرف على المستخدمين، من خلال العلامات الحيوية مثل الوجه أو الصوت أو بصمات الأصابع. يستخدم العديد من الأشخاص بالفعل واحداً أو أكثر من تلك القياسات الحيوية على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية الخاصة بهم، ولكن مع تحسّن تلك التكنولوجيا وانتشارها بشكل أكبر، قد تصبح في النهاية النموذج الرئيسي لكلمات المرور.
لتلك الأسباب، أصبحت القياسات الحيوية مطلوبة بشدة لتأمين البيانات الحساسة. من الصعب اختراق كلمة المرور باستخدام البصمة، وتزداد الصعوبة أكثر عند استخدام قياسات حيوية متعددة جنباً إلى جنب.
5- الواقع الافتراضي/المعزز
مع انخفاض تكاليف الأجهزة، وزيادة طاقة المعالجة، ودخول لاعبين كبار مثل جوجل وفيسبوك إلى السوق، قد يؤدي القبول الكبير والانتشار الواسع لتطبيقات الواقع المعزز في الهواتف الذكية إلى سهولة بيع تلك التقنيات في المستقبل.
يأمل نظام Microsoft Mesh، الذي أُعلنَ عنه مؤخراً، ومنافسوه، الاستفادة من التوجه الجديد للعمل عن بعد. يجمع المفهوم بين تقنيات “الواقع المختلط” لإنشاء مساحات افتراضية تشاركية، بإمكان لفِرق العمل استخدامها لعقد الاجتماعات أو العمل على المشروعات.
ويرى بيتر ديامانديس، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة XPRIZE، أن تلك التقنية ستكون ثورية في تجربة العملاء بمتاجر التجزئة. على سبيل المثال، سيصبح بإمكان العملاء تجربة الملابس على مجسمات افتراضية، أو تجربة الجلوس بشكل افتراضي في مقاعد المدرج أو المسرح قبل شراء التذكرة.
6- بلوك تشين
قد يكون من المفاجئ أن البتيكوين، العملة الرقمية ذائعة الصيت، لم تصل إلى القائمة، بينما السجل الإلكتروني المستخدم في تلك التقنية، بلوك تشين، أصبح نجم الأعمال الصاعد.
عكس السجلات التقليدية المركزية، فإن تقنية بلوك تشين غير مركزية. لا يُحفظ السجل الدائم في موقع واحد، وإنما يوجد على عُقد تنتشر عبر النظام. وهذا النظام يجعل من الصعب فقدان السجلات أو العبث بها.
كما قال رائد الأعمال في المجال التقني إيلاد جيل لموقع Big Think، في مقابلة: “أثبتت أنظمة بلوك تشين فعاليتها في مقاومة الرقابة أو المصادرة. بعبارة أخرى، لا يمكن أن تستولى الحكومة على أموالك وأصولك إذا كنت في بلد يخضع لنظام حكم سيئ، أو عدم قدرة أي جهة خارجية على محو بياناتك فجأة بطريق الخطأ، أو تعرّض تلك الجهة الخارجية للاختراق وسرقة بياناتك (برغم إمكانية اختراق بلوك تشين على أي حال)”.
ولهذا السبب اجتذبت تقنية بلوك تشين انتباه المؤسسات التي تحتاج إلى تخزين السجلات (أي كل المؤسسات تقريباً). وتمتد الاستخدامات المحتملة لتقنية بلوك تشين إلى المستشفيات، حيث يمكن تخزين ومشاركة السجلات الصحية. كما يمكن استخدام التقنية لإنشاء منصة تصويت آمنة عبر الإنترنت.
7- علم الروبوتات
ظهر أول روبوت صناعي عام 1962، ومنذ ذلك الحين، أدت التطورات التكنولوجية إلى توسّع مطرد في تمثيل الروبوتات بين القوى العاملة. ومن المتوقع أن تستمر الروبوتات خلال السنوات المقبلة، في الانتقال من المصانع إلى خارجها لأداء بعض المهام البدائية مثل التنظيف وخدمات التوصيل.
لذا فإن أحد التحديات التي يواجهها قادة المؤسسات الآن هو طمأنة فِرقهم بأن الروبوتات ليست هنا لتحل مكانهم. في الواقع، مع انتقال مزيد من الأشخاص إلى وظائف تتطلب مهارات شخصية وتركز على الإنسان، من المحتمل أن يجدوا هذا الانتقال مفيداً.
8- معالجة اللغات الطبيعية
تعتبر معالجة اللغات الطبيعية أحد المجالات الفرعية للذكاء الاصطناعي، وتهدف إلى تطوير أنظمة يمكنها تحليل لغة البشر والتواصل بها. إذا كان ذلك يبدو سهلاً بالنسبة لك، فهذا لأنك تقرأ تلك الكلمات بعقل متطور أُنعم عليه بمعرفة اللغة.
الخوارزميات ليست محظوظة مثلك. لذا، فهي تعاني في تحليل خليط انتقائي من الرموز والإيماءات والأصوات والألغاز الثقافية التي نستخدمها للتعبير عن المعاني والأفكار.
عندما تتمكن الخوارزميات أخيراً من فك شيفرة لغة ما، سيكون هناك كثير من حالات الاستخدام المحتملة. على سبيل المثال، روبوتات الدردشة، وبرامج التحرير الافتراضية، وتحليلات السوق، والترجمة الفورية للمحادثات، وقراءة السير الذاتية، والردود الآلية على الهاتف، وغيرها من الاستخدامات.
9- الحوسبة الكمّية
الحوسبة الكمّية هي “استغلال الخصائص الجماعية المشتركة للحالات الكمومية، مثل التراكب والتشابك، لإجراء العمليات الحسابية”. والترجمة لما ورد الآن: حل المشكلات والمسائل في وقت أسرع ودقة أكبر، وفي بعض الحالات، بطريقة الحواسيب الحديثة العملاقة.
تلك الآلات موجودة اليوم بالفعل، وأعلنت شركة IBM عن خططها لإنشاء إصدار 1.000 بت كمومي بحلول عام 2023، الإنجاز المرحلي الذي وصفه عالم الفيزياء جاي غامبيتا لمجلة Science بأنه “يمثّل منعطفاً مهماً”.
اعتماد تلك التقنية قد يحسّن القدرة على إدارة البيانات الضخمة. ويمكنها أيضاً تقليل التكلفة والزمن اللازم لعملية التطوير المعقدة من خلال المحاكاة السريعة وحل مشكلات التحسين متعددة المتغيرات بسهولة.
كما توضح الحوسبة الكمّية سبب أهمية عدم اعتماد قادة المؤسسات على تقنية ناشئة واحدة أو نموذج واحد للمستقبل، لأنها مخاطرة كبيرة، فالأمر لا يتعلق بالتكنولوجيا التي ستهيمن، وإنما الإمكانات التي تجلبها كل تقنية وكيف يمكن أن تعمل كل التقنيات معاً.
التقنيات الناشئة لعام 2020
التقنيات الناشئة لا تنحصر فقط في المجال التكنولوجي، وتم اختيار هذه التقنيات الناشئة وغيرها من قِبل مجموعة توجيهية دولية من الخبراء في عام 2020.
المجموعة، التي عُقدت بدعوة من مؤسسة Scientific American والمنتدى الاقتصادي العالمي، فحصت أكثر من 75 ترشيحاً، واختارت التقنيات التالية في عام 2020.
نعددها فيما يلي، مع شرح بسيطة لطريقة توظيفها:
1. ميكرونيدلز وتقنية الحقن بدون ألم وسحب الدم.
2. تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد أخرى من خلال كيمياء الطاقة الشمسية.
3. المرضى الافتراضيون وثورة في الطب عبر استبدال البشر بمحاكاة رقمية تجعل التجارب السريرية أسرع وأكثر أماناً.
4. الحوسبة المكانية، وهي تقنية تقوم بكل شيء تفعله تطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز: أي تحويل الكائنات التي تتصل عبر السحابة إلى صيغة رقمية؛ تسمح لأجهزة الاستشعار والمحركات بالتفاعل بعضها مع بعض في عالم يمزج بين الواقع والافتراضي.
5. الطب الرقمي يمكن أن يشخص ويعالج ما يزعجك من خلال تطبيق.
6. الطيران المعتمد على الكهرباء بدلاً من الوقود.
7. الأسمنت منخفض الكربون؛ لمساعدة مكافحة تغير المناخ.
8. أجهزة الاستشعار الكمّية للسماح للسيارات ذاتية القيادة بـ”الرؤية” حول الزوايا.
9. الهيدروجين الأخضر مصدراً للطاقة المتجددة، إذ يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال التحليل الكهربائي، حيث تقوم الآلات بتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين، مع عدم وجود منتجات ثانوية أخرى. تاريخياً، تطلَّب التحليل الكهربائي قدراً كبيراً من الكهرباء لدرجة أنه لم يكن من المنطقي إنتاج الهيدروجين بهذه الطريقة، لكن التكنولوجيا الحديثة غيرت الوضع.
10. تخليق الجينوم الكامل وتحويل هندسة الخلايا، مثال على هذه التقنية: ما حصل في بداية أزمة جائحة كورونا، إذ حمّل العلماء في الصين التسلسل الجيني للفيروس إلى قواعد البيانات الجينية. قامت مجموعة سويسرية بعد ذلك بتجميع الجينوم بأكمله وإنتاج الفيروس منه، أي بمعنى آخر، نقل الفيروس عن بُعد إلى مختبرهم للدراسة دون الحاجة إلى انتظار العينات المادية. هذه السرعة هي أحد الأمثلة على كيفية قيام طباعة الجينوم الكامل بتطوير الطب والمساعي الأخرى.