المعرفة.. ركيزة أساسية في رحلة التحول الى المدن الذكية


تهدف المدن الذكية إلى تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة قائمة على التكنولوجيا تكون صديقة للبيئة ومحفزة على التعلم والإبداع، حيث تعتمد هذه المدن بشكل أساسي على البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات مع التركيز على الإنسان في المقام الأول، وتستجيب كذلك للظروف الاقتصادية والمعرفية والاجتماعية المتغيرة بخلاف المدن التقليدية.

ومن هنا، تلعب المعرفة دوراً محورياً في مسيرة التحول إلى المدن الذكية، إذ تعتبر أحد العوامل الأساسية لتحقيق هذا الهدف من خلال مساهمتها في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين عبر تحليل البيانات وتحديد احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى تنمية الإدارة الحضرية والاستدامة البيئية وتحسين الابتكار والتطوير ورفع مستويات الأمن والسلامة ودعم القطاع الصحي وأنظمة النقل والاتصالات، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية والكفاءة.

وتتيح المعرفة للجهات المعنية إمكانية استيعاب التكنولوجيا الحديثة، مما يُمكِّنهم من اتخاذ القرارات الصائبة بشأن تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المناسبة للتحويل للمدن الذكية.

ويمكن تسخير المعرفة لدعم بناء المدن الذكية سواءً لجهة تحسين البنية التحتية من خلال الاعتماد على البيانات التي تتلقاها المدينة وتحليلها وتخطيطها وتنفيذها، أو من خلال دورها في الاقتصاد الذكي.

كما تسهم المعرفة في تحسين الحكم المحلي في المدن الذكية عبر مشاركة المواطنين في عملية الحكم واتخاذ القرار، بالإضافة إلى تحسين الاتصال بالسكان عبر استخدام الوسائل التقنية الحديثة، فضلاً عن مساهمتها في تحقيق الابتكار والتطوير المستمر في إدارة المدينة الذكية وتحسين الخدمات الحكومية وتوفير خدمات جديدة تلبي احتياجات السكان، ودورها كذلك في الاستفادة من الذكاء الاجتماعي والتفاعل بين السكان والزوار والحكومة والشركات والمؤسسات في المدينة.

موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:

كما يمكن الاستفادة من المعرفة من أجل تحسين الخدمات الأساسية كتوفير خدمات ذكية مثل: النقل العام الذكي، والإنارة الذكية، والمباني الذكية، والصحة الذكية والتعليم الذكي، بالإضافة إلى استخدام المعرفة لتوفير خدمات تستخدم الموارد بكفاءة وتحد من التلوث وتحسن جودة الحياة في المدينة.

لأنَّ المعرفة هي الأساس الذي يمكن من خلاله تحقيق التطور والتقدم في مختلف المجالات، تعتبر المدن الذكية من أهم المجالات التي تحتاج إلى المعرفة والتعلُّم المستمر، حيث يمكن للتعلم المستمر تعزيز روح ريادة الأعمال والإسهام في تنمية فرص جديدة في مجال التكنولوجيا والابتكار في المدن الذكية.

ومن هنا، تلعب المعرفة دوراً مهماً في تأهيل المواطنين والكوادر البشرية بالمهارات اللازمة التي تمكنهم من تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة وأدواتها بشكل فعال لإدارة المدن الذكية.

مبادرات مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة في مجال التحول إلى مدن ذكية:

تلعب مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة دوراً حيوياً في دعم التحول إلى مدن ذكية، حيث تساهم من خلال مشاريعها ومبادراتها المعرفية المتنوعة في النهوض بالقدرات المعرفية للشباب. ومن بين هذه المبادرات التي تدعم التحول إلى مدن ذكية مبادرة “مشروع المعرفة”.

كما تقدِّم المؤسسة برامج تعليمية وتدريبية تساعد في تطوير مهارات الفرد وزيادة وعيه بأهمية المعرفة والتعلم المستمر في تحقيق التقدم وتطوير المجتمع.

وتؤمن المؤسسة بأن التكنولوجيا والمعرفة هما الأساس لتحويل المدن واستدامتها وتعزيز سعادة سكانها، حيث تعمل على تعزيز الوعي بأهمية التحول إلى المدن الذكية وتشجيع الابتكار والتطوير في هذا المجال.

كما تشجع المؤسسة على البحث والابتكار وتوفير الدعم للمشروعات والأفراد الراغبين في تطوير حلول ذكية لمشاكل الحياة الحضرية، حيث تلعب دوراً مهماً في تمكين رواد الأعمال وتقديم الدعم الضروري لهم لبدء مشاريعهم الخاصة في مجال التكنولوجيا والمعرفة من خلال جائزة محمد بن راشد للمعرفة وغيرها من المبادرات.

مؤشر المعرفة العالمي:

يُعد “مؤشر المعرفة العالمي” من بين المبادرات المعرفية الأخرى لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، التي لها انعكاس مباشر على التنمية بشكل عام ودعم إمكانية إنشاء المشاربع التنموية الكبرى كالمدن الذكية، إذ يُعد إضافة مهمة للرصيد المعرفي العالمي المتعلق ببناء المؤشرات التنموية، لما يوفره من بيانات متنوعة وموثوق بها تساعد البلدان وصناع القرار فيها على فهم التحولات والتحديات الحقيقية وسبل مواجهتها، ومن ثم استكشاف آفاق المستقبل ومساراته الممكنة.

ويتألف “مؤشر المعرفة العالمي” من سبعة مؤشرات فرعية، رُكِّز عليها نظرًا إلى العلاقة التفاعلية التلازمية التي تربطها ببعضها من ناحية، وبالتطورات المعرفية والتنموية من ناحية أخرى. فالارتباط القوي بين نوعية رأس المال المعرفي والقدرة على بناء اقتصادات معرفة متينة، قادرة على تحقيق تنمية عادلة ومستدامة، يقتضي مزيداً من الاهتمام بأنظمة تأهيل العنصر البشري.

ويمكن الاستفادة من “مؤشر المعرفة العالمي” من خلال البيانات التي يوفرها، في تحسين الحوكمة والإدارة في المدن الذكية، وكذلك تحسين مستويات الشفافية والمشاركة المجتمعية في عملية صنع القرارات، حيث يلعب دوراً مهماً في تحقيق أهداف المدن الذكية، ويمكن استخدامه لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين جودة الحياة في المدن الذكية.

دبي تتربع على عرش المدن الذكية في الشرق الأوسط:

تعتبر دبي واحدة من المدن التي تتربع على عرش المدن الذكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يتبنى مشروع مدينة دبي الذكية إستراتيجية تحويل نحو 1000 خدمة حكومية إلى خدمات إلكترونية ضمن قطاعات النقل والبنية التحتية والاتصالات، والخدمات المالية، وتخطيط المدن، والكهرباء.

كما نُفذ خلال المشروع أيضاً مبادرة تجمع كافة الجهات الحكومية لتصبح كمؤسسة واحدة تقدم خدمات شاملة للمتعاملين بأسلوب سهل وفعال. وتشتمل المشاريع الحالية ضمن هذه المبادرة على استخدام تطبيقات وأجهزة ذكية عبر ثلاثة مسارات هي:

  • الحياة الذكية: التي تتناول قطاعات الصحة والتعليم، والتنقل، والاتصالات، والمرافق العامة، وخدمات الطاقة.
  • الاقتصاد الذكي: الذي يتناول تطوير شركات ذكية، وخدمات موانئ، وسوق أسهم ذكي، ووظائف ذكية.
  • السياحة الذكية: التي تتناول توفير بيئة ذكية ومناسبة لزوار الإمارة، تشمل تأشيرات دخول والطيران والبوابات الذكية، وخدمات الفنادق الذكية.

ويمكننا القول إن المعرفة هي ركيزة أساسية في رحلة التحول إلى المدن الذكية، حيث تساعد في فهم التحديات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية التي تواجه المدن وتحديد الحلول المناسبة لها. كما تُعد ركيزة أساسية أيضاً لتطوير التقنيات الحديثة والابتكارات التي تدعم المدن الذكية.