تؤدي زيادة وتيرة التحول الرقمي في الشرق الأوسط، إلى زيادة معدل الطلب على متخصصي أمن تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يؤدي إلى تسارع الطلب على المواهب بمعدل أكبر من توفّرها. وبذلك تزداد صعوبة حماية الشركات لنفسها من المخاطر السيبرانية.
وفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2022، تعتبر منطقة الشرق الأوسط ثاني أكبر منطقة تعاني من نقص المواهب في مجال تكنولوجيا المعلومات، بمعدل يصل إلى 2.2 مليون عامل، حيث توقع التقرير أن تزداد هذه الفجوة أكثر مع زيادة وتيرة التحول الرقمي في المنطقة.
لذلك تواصل فريق مع مجموعة من الخبراء في شركات الأمن الإلكتروني: سيكيور وركس، وجروب-آي بي ونتسكاوت، لمناقشة أسباب هذه المشكلة وما الحلول لها؟
كيف ثؤثر نقص المواهب على توجّهات قطاع الأمن السيبراني؟
طرحنا سؤال كيف تؤثر ثغرة نقص المواهب على توجّهات قطاع الأمن السيبراني في الشرق الأوسط؟ على جوبان سيفاسانكاران، المدير الإقليمي لشركة (سيكيور ووركس) في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، قال: “تسبب العديد من التوجهات في قطاع الأمن السيبراني في نمو هذه الفجوة، ومن أحد هذه التوجهات هي زيادة التركيز على الأتمتة والتعلم الآلي. حيث تتطرق الشركات إلى الأتمتة لسدّ فجوة نقص المواهب. لذا على الشركات النظر في التقنيات التي توفّر أدوات للأتمتة من ذات المنصة، ومن هذه المهام التي تقدّمها الأدوات عزل النهايات الطرفية وإعادة تعيين كلمات المرور للأدلة النشطة إلى جانب بناء السياق وتعزيز التذاكر وغيرها”.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وتابع: “كما أننا نرى حالات من الإرهاق والتعب بين العاملين في قطّاع الأمن السيبراني نتيجة نقص المواهب. فالعديد منهم يتعرضون لضغوط مستمرة من أجل التعامل مع المخاطر والهجمات. فهم يوضعون في نمط “الدفاع أو الهرب” بسبب جاهزيتهم الدائمة للتصدي للهجمات المحتملة. على الرغم من كون التكلفة عاملًاً مهمًا للتعزيز، ولكن الصحة الجسدية والعقلية تعتبر عوامل مهمة أيضًا. ينتج عن تعزيز مهامّ الأمن السيبراني تشكيل الشركات لفرق أقوى وأكثر فعالية واستدامة. كما نرى زيادة في الطلب على حلول الأمن السيبراني السهلة الاستخدام التي تساعد المؤسسات على تفعيل الدفاعات السيبرانية بتكلفة أقل”.
واختتم (جوبان سيفاسانكاران) كلامه، قائلًا: “كلما زاد اعتماد الأعمال على التقنيات، زادت الحاجة إلى تحسين التوعية الأمنية والتدريب. حيث يمكن للشركات أن تقلل من أعداد الاختراقات السيبرانية الناشئة عن خطأ بشري عندما تدرّب موظفيها على المخاطر السيبرانية. ولتحسين الصمود السيبراني في وجه نقص المواهب، على قادة الأعمال أن يختبروا متانة الدفاعات السيبرانية لمؤسساتهم عبر تحديد نقاط الضعف ودراسة زيادة الاستثمار في الأمن السيبراني. كما على المؤسسات أن تكون جاهزة دومًا من خلال إجراء عمليات تدريب و اختبار للكشف والاستجابة عن الأخطاء الممكنة، وتحديد الثغرات الأمنية، وبناء ثقة الفريق في الاستجابة للمخاطر بسرعة.في حين يجب على الشركات أن تتّخذ خطوات استباقية في المحافظة على المواهب وجاهزيتها أمنيًا. ففي عالمنا اليوم المليء بالتغيرات والهجمات، تعتبر المحافظة على المواهب أمرًا ذو أهمية. فمشكلة نقص المواهب الأمنية مشكلة حتمية على الشركات أن تتعامل معها للحدّ من المخاطر السيبرانية الممكنة”.
كيف يمكن تطوير مهارات الشباب العربي للمساهمة في تطوير صناعة التكنولوجيا في دول الخليج؟
لقد حقق نظام التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي نجاحات كبيرة خلال العقود القليلة الماضية، وباتت مؤسساته التعليمية والأكاديمية تشتهر بالكفاءة وجودة مخرجات العملية التعليمية، لكن فيما يخص صناعة الأمن السيبراني، تعتبر الخبرة في مهام مراكز العمليات الأمنية وقدرات تحليل البرمجيات الخبيثة، والاستجابة للحوادث من المهارات الأساسية، لا سيما مع تمتع الشركات في القطاع الخاص بمعرفة واسعة حول أحدث التهديدات السيبرانية.
وتعليقًا على ذلك؛ يقول أشرف كحيل، المدير الإقليمي لدى «جروب-آي بي» في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا: “نؤمن في «جروب-آي بي»، إيمانًا راسخًًا بأهمية تزويد الشباب العربي بمسارات حيوية لدخول المجال المهني خلال مسيرتهم الدراسية وما بعدها، إما من خلال التدريب الداخلي أو عبر الشراكات ومضافرة الجهود التعاونية بين الشركات والمؤسسات التعليمية، الأمر الذي سيمكن الطلبة من امتلاك المعارف النظرية والخبرات العملية التي تمكنهم من المشاركة في جهود التصدي لأحدث التكتيكات والتقنيات والإجراءات المتعبة من قبل مجرمي الإنترنت”.
كيفية سد فجوة المهارات التكنولوجية في منطقة الشرق الأوسط:
وعند طرح سؤال؛ كيف يمكن سد فجوة المهارات التكنولوجية في منطقة الشرق الأوسط؟ على السيد أشرف كحيل؛ قال: “تمتلك منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا واحدة من أعلى نسب الشباب على مستوى العالم، الأمر الذي يبرز أهمية الاستثمار في هذه الفئة الهامة والحيوية، وتزويدهم بالموارد والأدوات والمعارف اللازمة التي تمكنهم من تحقيق النجاح في حياتهم المهنية والشخصية، والمساهمة في مسيرة التنمية والازدهار في المنطقة”.
وتابع: “لقد افتتحنا «أكاديمية جروب-آي بي» في مركز مكافحة الجرائم الإلكترونية في دبي بهدف معالجة جزء من فجوة المهارات من خلال توفير تدريبات عالي الجودة في مجال الأمن السيبراني وبإشراف نخبة من المتخصصين والمهنيين الشباب. ومن خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوفير فرص التدريب الداخلي، وتطوير المسارات المهنية في مجال التكنولوجيا، فإننا سنتمكن من إعداد الشباب العربي وتمكينهم من إطلاق العنان لإمكاناتهم الكاملة لسد فجوة مهارات تكنولوجيا المعلومات ودفع آفاق الابتكار والتقدم في مجالات التكنولوجيا المختلفة”.
في هذا الصدد؛ قال عماد فهمي، مدير هندسة النظم في الشرق الأوسط لدى نتسكاوت: “تعتبر مشكلة نقص المهارات والكفاءات التقنية المتخصصة من التحديات الرئيسية التي تواجه صناعة تكنولوجيا المعلومات لأكثر من عقدين من الزمن، ولا يوجد هناك أية أدلة تشير إلى وجود حل قريب لهذه المشكلة. ويُعد الأمن السيبراني أحد أبرز المجالات التي تأثرت بشكل خاص بمشكلة نقص المهارات التي تتفاقم بسبب الطبيعة المتغيرة والمتطورة لمشهد التهديدات السيبرانية، والتطورات التي تشهدها بيئات العمل، بالإضافة إلى التطورات التي تشهدها البنية التحتية للأمن السيبراني نتيجة صعود نجم تقنيات الحوسبة السحابية”.
وأضاف: “في ظل هذه البيئة التقنية المتغيرة والمتطورة باستمرار، يجب أن تدرك الشركات أن اعتماد منصات وبرامج الأمن السيبراني الصحيحة هو أمر هام، إلا أن الأهم هو القدرة على استقطاب ورعاية المتخصصين من ذوي المهارة والكفاءة في مجال الأمن السيبراني. ويجب أن يلعب قادة الأعمال دورًا محوريًا في تحفيز ثقافة الابتكار والإبداع وحل المشاكل والتفكير خارج الصندوق لدى فرق العمل الخاصة به، والعمل بشكل استباقي على تطوير المهارات وتشجيع الموظفين على تعزيز إمكاناتهم وقدراتهم الشخصية. ويمكن أن يتضمن ذلك تحفيز الموظفين وحثهم على المشاركة في الدورات التدريبية والحصول على الشهادات المتخصصة، وجعلها جزءًا من الأهداف المرتبطة بتطوير أدائهم. ومن المهم أيضًا تشجيع أعضاء الفريق على التعبير عن مخاوفهم و مجالات اهتمامهم لكي تتوافق تدريباتهم مع أهدافهم المهنية. بشكل عام، تعد مساهمة قادة الأعمال الفاعلة في تطوير مهارات وقدرات فرقهم ضرورية جداً للحافظ على المزايا التنافسية”.
واختتم (عماد فهمي) كلامه، قائلًا: “بالنظر إلى وتيرة التقدم التكنولوجي وتطور نماذج وبيئات العمل، فمن غير المرجح أن تختفي فجوة المهارات التي يشهدها قطاع تكنولوجيا المعلومات في المستقبل القريب. ويحتاج المسؤولون التنفيذيون الذين يشرفون على هذه الفرق إلى تحقيق التوازن بين جهود نشر الحلول التكنولوجية وبين تقديم الحوافز للموظفين الحاليين وتطوير مهاراتهم وقدراتهم. وستبقى هذه الإستراتيجيات من الجهود الحيوية لتوفير الحماية ضد الهجمات السيبرانية المتطورة والمعقدة”.