نجح فريق من العلماء والباحثين من مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية وقسم علوم الأرض في جامعة خليفة، في ابتكار جهاز متطور لقياس توازن كتلة الجليد، وذلك بهدف دراسة التغيرات الحاصلة في القارة القطبية الجنوبية وتأثيرها في المناخ العالمي، في سابقة هي الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويأتي هذا الإنجاز نتيجة جهود دؤوبة لفريق بحثي قادته الدكتورة ديانا فرانسيس، رئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية والأستاذة المساعدة في قسم علوم الأرض في جامعة خليفة، وضم الفريق خمسة باحثين من جامعة خليفة، إضافة إلى باحثين في العلوم من الإقليم الأسترالي في القارة القطبية الجنوبية.
وقد صُمم الجهاز خصوصًا للعمل في البيئة القاسية للقطب الجنوبي، ويمكنه توفير معلومات دقيقة حول خصائص المحيط والغلاف الجوي، بالإضافة إلى قياسات أخرى ذات صلة.
أهمية الابتكار:
تُعدّ القارة القطبية الجنوبية مخزنًا ضخمًا للمياه العذبة المتجمدة، وتؤدي دورًا حيويًا في تنظيم مناخ الأرض، ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يزداد ذوبان الجليد في القطب الجنوبي، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتهديد المناطق الساحلية حول العالم.
ويساعد هذا الابتكار في فهم العمليات الفيزيائية التي تؤثر في تكوين الجليد البحري وذوبانه، مما سيساعد العلماء في بناء نماذج ذكاء اصطناعي أكثر دقة لتوقع التغيرات المناخية المستقبلية.
مزايا الجهاز الجديد:
- دقة عالية: يتميز الجهاز بقدرته على قياس مختلف البيانات الخاصة بظروف تكوين الجليد وذوبانه بدقة عالية، مما يوفر بيانات دقيقة للباحثين.
- قدرة على العمل في بيئات قاسية: صُمم الجهاز لتحمل الظروف القاسية في القطب الجنوبي، مثل درجات الحرارة المنخفضة والأعاصير الثلجية.
- استمرارية في القياس: يمكن للجهاز أن يعمل بشكل مستمر لمدد طويلة، مما يتيح جمع كميات كبيرة من البيانات.
وقال البروفيسور بيان شريف، الرئيس الأكاديمي في جامعة خليفة: “نفخر بأن تكون جامعة خليفة الأولى في دولة الإمارات في تطوير جهاز مبتكر لإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بتشكل الجليد البحري وذوبانه في القارة القطبية الجنوبية، مما يُسهم في حصولنا على فهم أفضل لخطر ارتفاع منسوب مياه البحر. ويؤكد هذا الإنجاز حرصنا على ريادة الابتكار والاستكشافات العلمية، لا سيما مجال تغير المناخ، إذ بدأت هذه المبادرة من جامعة خليفة في عام 2020، وحققت نجاحًا في استقطاب وتعزيز التعاون مع دول القارة القطبية الجنوبية”.
ويبدأ الجليد البحري في المحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية بالتشكل كل عام في شهر مايو تقريبًا، ويصل إلى أكبر انتشار وتركيز له في شهر يوليو في منتصف فصل الشتاء الجنوبي. وتمكن الفريق من توظيف الجهاز والاستفادة منه بشكل إستراتيجي في شهر إبريل قبل بدء تكون الجليد البحري، للحصول على معلومات دقيقة حول خصائص المحيط والغلاف الجوي قبل هذه المرحلة المهمة.
وقالت الدكتورة ديانا فرانسيس: “يحيط الجليد بالجهاز فور تشكله، ويواصل قياس جميع المعايير والتطور التدريجي لسُمك الجليد البحري. ومن جهة أخرى، يسجل الجهاز حالة الجليد والماء والغلاف الجوي عندما يبدأ موسم الذوبان في بداية الخريف الجنوبي، وتقدم هذه البيانات معلومات قيمة عن المحيط والجليد، والظروف الجوية التي تتحكم في تكوين الجليد البحري وذوبانه”.
ويسهم الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية في حماية القارة من الأمواج والمحيطات التي تؤثر في الأنهار الجليدية، إذ يساعد في تأخير تدفق الجليد من الجزء الداخلي من القارة القطبية الجنوبية (الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية)، مما ينتج عنه ارتفاع في مستويات سطح البحر.
وتُعدّ معرفة العمليات، التي تؤدي دورًا في تكوين الجليد البحري وذوبانه، أمرًا بالغ الأهمية للحصول على فهم أفضل للمخاطر التي تصاحب ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب جليد القطب الجنوبي.