تلتقط الهواتف الذكية الآن صور مذهلة تنافس كاميرات DSLR الاحترافية؛ بفضل إمكانات الذكاء الاصطناعي. نظرًا إلى عامل الشكل المضغوط للأجهزة المحمولة، فإن كاميرات الهواتف الذكية غير قادرة على حمل مستشعرات أو عدسات كبيرة، لذلك يجبر هذا التحدي الشركات المصنعة للهواتف الذكية على الاستفادة من تقنيات (التصوير الفوتوغرافي الحاسوبي) Computational Photography لتعزيز جودة الصور.
قدمت شركة سامسونج هواتف سلسلة (Galaxy S23) هذا العام مع معالج كوالكوم (Snapdragon 8 Gen 2) المُصمم خصوصًا لهذه الهواتف، وقد حُسنت (وحدة المعالجة العصبية) NPU فيه بأكثر من 40% عن الإصدار السابق لتحقيق التوازن بين الأداء والقوة.
طبقت شركة سامسونج ما يقرب من 60 نموذجًا جديدًا للذكاء الاصطناعي تديرها وحدة المعالجة العصبية (NPU) لتحسين وظائف الكاميرا في هاتف (Galaxy S22 Ultra)، وفقًا لما قاله (Joshua Sungdae Cho) نائب الرئيس ورئيس البحث والتطوير في البرامج المرئية في قسم الأجهزة المحمولة (MX Business) في الشركة في مقابلة خلال عام 2022.
لقد بدأت سامسونج بتطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي في وحدة المعالجة العصبية (NPU) لأول مرة منذ 4 سنوات، في ذلك الوقت قامت وحدة (NPU) بتشغيل ما يقرب من 10 نماذج للذكاء الاصطناعي فقط، ولكن في عام 2022 شغلت الوحدة في هواتف سامسونج 60 نموذجًا للذكاء الاصطناعي، لتقديم أفضل الميزات في الكاميرا، حيث تشارك وحدة (NPU) في جميع وظائف الكاميرات تقريبًا.
نماذج الذكاء الاصطناعي هي خوارزميات لصنع القرار دُربت من خلال مجموعة بيانات لتطبيقها على مهام معينة، ووحدة (NPU) هي الشرائح المصممة خصوصًا لمعالجة مثل هذه الخوارزميات.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
فما هي نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها سامسونج في كاميرا هواتفها وكيف طورتها على مدار السنوات الماضية لرفع قدرات الكاميرا في هواتفها؟
1- تحسين وضع (Portrait) وإنشاء تأثيرات عمق قوية:
أحد نماذج الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها سامسونج في هاتف Galaxy S22 Ultra العام الماضي هو وضع (Portrait)، حيث تنشئ الكاميرا تأثير عمق المجال الذي يتيح لك هذا التقاط صور ذات تركيز واضح على الهدف مع خلفية ضبابية. وقد أصبح هذا الوضع ميزة مهمة في الهواتف الذكية الآن.
وقد طورت سامسونج هذا الوضع في هاتف (Galaxy S22 Ultra) هذا العام، إذ عززت الكاميرا الأمامية بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لضمان الحصول على أدق التفاصيل وأنقى الألوان في ظروف الإضاءة المنخفضة.
وقدمت أيضاً خاصية (Depth Mapping) التي تتيح لك التركيز على الصور الشخصية بشكل أسرع، وكذلك صور الأشخاص في وضع (Portrait) في الإضاءة الخافتة لتصبح واضحة بشكل أفضل بفضل تحليل العمق المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
هناك بعض الكاميرات تستخدم مستشعرات العمق، ولكن من الصعب التحكم في تأثير العمق بالكاميرات فقط، لذلك تستخدم سامسونج نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتدرب على قدر هائل من الصور ذات الصلة بالعمق والخلفيات وأشياء مختلفة في مجموعة متنوعة من الظروف.
2- التكبير الرقمي بمعدل 100 ضعف:
تدعم كاميرا هاتف (Galaxy S23 Ultra) التقريب البصري (Optical Zoom) المزدوج بمعدل 3 مرات و 10 مرات، والتقريب الرقمي (Digital Zoom) بمعدل 100 مرة.
أي نعم؛ هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها سامسونج التقريب الرقمي بمعدل 100 مرة، حيث قدمته لأول مرة منذ 3 سنوات في هاتف (Galaxy S20 Ultra)، ولكن مع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة، إلى جانب القوة الحسابية التي يوفرها المعالج المُصنع بتقنية 4 نانومتر في أحدث هواتفها (Galaxy S23 Ultra) أثارت سامسونج إعجاب المستخدمين.
يُعد وقت المعالجة هو المفتاح لميزة مثل التكبير والتصغير بمعدل 100 ضعف، وسامسونج لديها الموارد الحسابية للتعامل مع ذلك، إذ تُنفذ بعض العمليات بواسطة وحدة المعالجة العصبية (NPU)، وبعض العمليات بواسطة وحدة معالجة الرسومات، وكل هذا يحدث في إطار زمني يمكن التحكم فيه.
بالنسبة إلى الصور الملتقطة بمعدل تكبير رقمي يزيد عن 30 ضعف، تلتقط الكاميرا ما بين 10 إلى 20 صورة خلفية في لقطة واحدة، ثم تتابع توليف الإطارات المتعددة، وبعد ذلك تُجري معالجة لاحقة أخرى لتحديد التفاصيل التي تريد تحسينها.
3- تحسين التصوير الليلي:
يمكن لمستشعر الكاميرا بدقة 200 ميجابكسل في هاتف Galaxy S23 Ultra تجميع ما يصل إلى 16 بكسلًا في بكسل واحد أكبر لتحسين كمية الضوء التي تلتقطها الكاميرا، للحصول على صور أكثر إشراقًا وتفصيلاً في الإضاءة المنخفضة. بينما كان مستشعر الكاميرا بدقة 108 ميجابكسل في هاتف العام الماضي قادر على تجميع ما يصل إلى 9 بكسلات فقط في واحد لامتصاص الضوء بشكل أفضل في الإضاءة المنخفضة.
تقترن هذه التقنية بنموذج للذكاء الاصطناعي مُدرب على تقليل الضوضاء والتأكد من زيادة السطوع بالشكل المناسب في الإضاءة الليلة.
لقد دربت سامسونج نموذج الذكاء الاصطناعي هذا على صور مختلفة اُلتقطت في الإضاءة الليلية، ابتداءً من تلك التي التقطتها كاميرا DSLR وانتهاءً بالصور المركبة التي أنشأتها سامسونج التي أدت إلى زيادة السطوع وتقليل التشويش بصورة احترافية.
وفي هواتف Galaxy S23 الجديدة، صححت سامسونج المشاكل المرئية التي تؤثر سلبًا في الصور ذات الإضاءة المنخفضة بالاعتماد على خوارزمية جديدة لمعالجة إشارات الصور، وهي مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين التفاصيل ودرجة اللون.
4- التقاط الصور متطابقة مع كاميرات DSLR وتحريرها بتنسيق RAW:
تحد تنسيقات الصور المضغوطة، مثل: JPG و HEIF من جودة الصور وقدرة المستخدمين على تعديل التفاصيل الدقيقة، ولكن توفر الكاميرا الجديدة في هواتف سلسلة Galaxy S23 من سامسونج أعلى دقة وجودة صورة في تاريخ السلسلة، بما يشمل ميزات مثل: دعم دقة أعلى، والتقاط صور RAW غير مضغوطة متعددة الإطارات ذات 16 بت، بالإضافة إلى التصوير الفلكي الفائق، و(التعريض المتعدد) multi-exposure.
يُعد التصوير بصيغة RAW خيارًا رائعًا للمصورين المتنقلين، حيث يتيح الوصول إلى ألوان وتفاصيل واقعية كان من المستحيل التقاطها باستخدام الهواتف الذكية.
أطلقت سامسونج في بداية عام 2022 تطبيق (Expert RAW) هو تطبيق كاميرا متقدم يوفر مجموعة مختارة من ميزات التصوير وعناصر التحكم الجديدة الحصرية لهواتف سامسونج جالاكسي الرائدة.
يستهدف (Expert RAW) المصورون أصحاب الخبرة، وهو قائم على التصوير بتنسيق (RAW) مع استكمال نطاق ديناميكي أوسع لمزيد من التفاصيل في المناطق الساطعة والمظلمة من الصورة مما يوفر إمكانيات عالية في التحرير.
ولكن هذا العام ستجد وضع (Expert RAW) مضمنًا في تطبيق الكاميرا الأصلي للهاتف، وسيجعل هذا (S23 Ultra) خيارًا مناسبًا لأولئك الذين يستمتعون بتحرير لقطات هواتفهم بشكل إبداعي. كما جعلت سامسونج (Adobe Lightroom) هو التطبيق الافتراضي لتحرير ملفات Expert RAW في هواتفها.
استخدمت سامسونج وحدة NPU وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم صور RAW ذات 16 بت في هواتفها، إذ ستجمع الكاميرا 20 لقطة من الخلفية ويمكن للمستخدمين استخدام ما يصل إلى أربع عدسات في طراز (Ultra) في وقت واحد.
تحتوي كاميرات DSLR على مستشعرات كبيرة تسمح لها بالتقاط صور RAW بدون ضوضاء، ولكن حتى الآن بالنسبة لكاميرات الهواتف الذكية كان من الصعب محاكاتها في إعدادات الإضاءة المنخفضة لأنها تضم مستشعرات أصغر. ولكن مع القوة الحسابية التي توفرها وحدة NPU في سلسلة Galaxy S23، فإن صور RAW ذات 16 بت تتطابق مع تلك التي تلتقطها كاميرات DSLR الاحترافية وفقًا لما قاله (Joshua).
الخاتمة:
تتضاعف قوة وحدة المعالجة العصبية في الهواتف الذكية كل عام، نظرًا إلى تطور المعالجات، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه لمدة خمس سنوات قادمة على الأقل، لذلك يتطور التصوير الفوتوغرافي الحاسوبي – أي تقنيات التقاط الصور الرقمية ومعالجتها – بسرعة، ومن المتوقع أن تستمر الكاميرات في الهواتف الذكية في التحسن خلال السنوات القادمة.
الموضوع الأكثر شيوعًا في التصوير الحاسوبي هو تقنية الكاميرات المتعددة، لذلك لا يزال الباحثون والشركات يبحثون عن الإعداد الأمثل للكاميرات المتعددة، إذ إن الكاميرا أصبحت هي نقطة البيع الرئيسية في الهواتف الذكية الآن.
لذلك من المتوقع مع تطور الذكاء الاصطناعي الذي نشهده اليوم، أن نرى خلال السنوات القادمة جميع وظائف الكاميرا في الهواتف الذكية تعمل بواسطة مئات الخوارزميات التي توفرها وحدة المعالجة العصبية NPU.