ترى النسبة الأكبر من المستخدمين الحوسبة الكمومية بأنها الحل السحري لمشاكل العالم. البعض يتوقع منها علاج السرطان، وآخرون ينتظرون منها حل مشكلة الاحتباس الحراري، إلا أنها ليست كذلك، هي فقط ستعمل على تجربة الحلول لهذه المشاكل.. تجربتها كلها.
وتزايد الاهتمام بمجال الحوسبة الكمومية بشكل كبير في السنوات السابقة. ولعل أحد أسباب هذا التزايد هو الفهم الخاطئ لهذه التقنية بأنها قادرة على تقديم حلول سريعة للمشاكل المستعصية.
وقد استثمرت الحكومات والشركات مليارات الدولارات في هذا المجال. وخصوصًا في ظل العلاقة الوطيدة بينه وبين مجالات مثل تقنيات تعلم الآلة، العملات الرقمية، وغيرها.
ولا شك أن الاهتمام الإعلامي والتناول المستمر لهذه التقنية قد ساهم بشكل كبير في زيادة أهميتها وانتشارها على ألسنة الجميع، متخصصين كانوا أو غير متخصصين.
اقرأ أيضًا: الحواسيب الكمومية المصغرة قادمة قريبًا
صعوبة شرح الحوسبة الكمومية
تعد تقنيات الحوسبة الكمومية من التقنيات التي يصعب شرحها. كما يصعب التعبير عنها وتوضيح مفاهيمها دون الاعتماد على مستوى مرتفع من الفهم لعلم الرياضيات. وكما قال رائد الحوسبة الكمية والحاصل على جائزة نوبل، العالم ريتشارد فاينمان: “إن كان من السهل شرح الحوسبة الكمومية في مجموعة من الجمل البسيطة، إذن فهي لا تستحق جائزة نوبل”.
وقد انتبه العالم لهذا المجال بالشكل الحالي منذ عام 1994. حينما اكتشف أستاذ الرياضيات في MIT بيتر شور أن هذا النوع من الحواسيب قادر على كسر التشفير المستخدم حاليًا في جميع المعاملات التي تتم عبر الإنترنت.
وترتب على هذا الاكتشاف تناول الحوسبة الكمومية من ناحية قصصية أكثر من تناولها بشكل علمي. حيث أن الجمهور قد اهتم بالأبعاد التقنية والتجارية لهذا الحدث أكثر من اهتمامه بكيفية حدوثه.
اقرأ أيضًا: اختراق محافظ بيتكوين باستخدام الحواسيب الكمومية
وقد أثرت التغطية الصحفية لهذه القضية على محتواها العلمي. إلا أن الصورة التي تم نقلها للمتابعين حاليًا من طرف الصحفيين المتخصصين في التقنية إدارة الأعمال كانت خاطئة.
وذلك حيث تم وصف الحوسبة الكمومية بأنها التقنية التي ستغير العالم وتحدث ثورة في كافة المجالات، بينما يرى الباحثين ومن بينهم سكوت آرونسون، والذي يبحث في هذا المجال منذ أكثر من 15 سنة عكس ذلك.
صعوبة التطوير
ستساعد الحواسيب الكمومية فعلًا في حل المشاكل. ويعتقد أنها ستحل بعضها في دقائق، في حين أنها كانت ستستغرق سنوات على الحواسيب الشخصية الحالية. وكذلك فقد ادعت شركة جوجل وغيرها الاقتراب للوصول لمسرعات كمومية.
اقرأ أيضًا: الحواسيب الكمومية المصغرة قادمة قريبًا
إلا أن الحواسيب الكمومية التي نتخيلها، والتي ستعمل على اختراق محافظ بيتكوين الرقمية أو كسر تشفير المعاملات المالية هي حلم بعيد المنال، وتحتاج لسنوات طويلة قبل أن تظهر.
وهذا لأن الحوسبة الكمية -وكما يظهر من اسمها- مبنية على علم ميكانيكا الكم. وهو واحد من أصعب العلوم التي قد يحتك بها الإنسان، وتطوير تطبيقات متعلقه به هو أمر صعب، تمامًا مثل شرحه.
وشرح تقنية مثل الحوسبة الكمومية هو أمر في غاية الصعوبة. لكن الأصعب هو تصميم وبناء حاسوب كمي بشكل عملي، لذلك فهذه التقنية ستحتاج لوقت طويل حتى تنضج وتصبح قابلة للاعتماد عليها.
وبلغة بسيطة، الحواسيب الكمومية ستكون قادرة على تجربة ملايين الحلول للمشاكل بشكل متزامن، مع قدرة معالجة فائقة بطبيعة الحال، إلا أن قدرة الحاسب الكمي ستظل متعلقة بالمجال الذي سيعمل فيه، وبصعوبة المهمة المطلوبة منه.
اقرأ أيضًا: جوجل تريد بناء حاسب كمومي تجاري بحلول عام 2029