“مبادرة مستقبل الاستثمار”.. السعودية تركز في الذكاء الاصطناعي كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي

انطلقت أمس في العاصمة السعودية الرياض، فعاليات النسخة الثامنة من مؤتمر (مبادرة مستقبل الاستثمار)، تحت شعار (أفق لا متناهٍ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد)، وذلك تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

ويجمع هذا المؤتمر الذي سيستمر على مدى ثلاثة أيام، قادة العالم والرؤساء التنفيذيين وأصحاب القرار لمناقشة الإستراتيجيات اللازمة لمعالجة أكبر التحديات التي يواجهها الكوكب في عالم متصل بلا حدود.

استثمارات مستدامة لتحقيق التنمية الشاملة:

أوضح معالي ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، أن المبادرة أصبحت منذ انطلاقتها في عام 2017 قوة تحويلية في عالم الاستثمار، إذ ساهمت في تسهيل صفقات تجاوزت قيمتها 125 مليار دولار، كما أصبحت قوة للعمل والتقدم.

وأوضح أن هذه النسخة الثامنة تجمع أكثر من 7000 مشارك و600 متحدث عالمي لتسليط الضوء على أبرز التحديات العالمية والفرص الاستثمارية المتاحة.

وبيّن أن موضوع المؤتمر هذا العام يجسد آفاقًا لا نهائية للاستثمار وتشكيل المستقبل، والتركيز في الاستثمارات المستدامة الطويلة الأجل، التي تعالج التحديات العالمية وتعزز الابتكار وتوفر تأثيرًا دائمًا، مع إعطاء الأولوية للقطاعات التي تقود التحول، ابتداءً من تقنيات الجيل القادم وابتكارات الرعاية الصحية ووصولًا إلى إشراك الشباب في الرياضة.

وقال معاليه: “إن النتائج الاقتصادية والاجتماعية والبيئية مترابطة، ويجب أن تكون هذه في صميم عملية صنع القرار، والعالم غني بالإمكانات غير المستغلة والأسواق الناشئة هي أمثلة للاستثمارات الطويلة الأجل، ومن المتوقع أن يتفوق نمو اقتصادات الأسواق الناشئة على اقتصادات الأسواق المتقدمة، مما يؤكد الحاجة إلى الاستثمارات الإستراتيجية في الأماكن التي ستقود الاقتصاد العالمي في المستقبل”.

التركيز في الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة:

أشار الرميان، إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك موارد فريدة وموقعًا جغرافيًا إستراتيجيًا دفعها إلى الاستثمار في مجالات حيوية مثل: الطاقة والبنية الأساسية والتقنية، مفيدًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف 20 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 مما يحول الصناعات ويعزز الإنتاجية ويعالج التحديات الحرجة.

وقال الرميان: “بحلول عام 2027 سيصبح الذكاء الاصطناعي محركًا اقتصاديًا معياريًا للقوة الوطنية، وقادرًا على حل المشكلات ودفع الإنتاجية التي ستؤثر في كل القطاعات ابتداءً من الرعاية الصحية ووصولًا إلى الطاقة”.

وأوضح معالي المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، خلال جلسة حوارية عُقدت ضمن فعاليات مؤتمر (مبادرة مستقبل الاستثمار) أن السعودية تستهدف تأسيس بيئة أعمال متكاملة لاحتضان شركات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وتوفر كل ما تحتاج إليه لتنمية أعمالها.

كما خصص صندوق (واعد فنتشرز) للاستثمار في رأس المال الجريء، المملوك بالكامل لشركة أرامكو السعودية، قبل أيام، 100 مليون دولار للاستثمار في الشركات العالمية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.

السعودية واجهت التوترات الجيوسياسية عالميًا بفضل متانة اقتصادها:

أكد المهندس الفالح أن المملكة تبذل ما بوسعها لإحلال الأمن والازدهار، واستطاعت مواجهة مختلف التوترات الجيوسياسية عالميًا بفضل متانة اقتصادها، مفيدًا أن الاقتصاد السعودي قادر على مواجهة التحديات بشكل قوي، مستعرضًا الزيادة في الناتج المحلي، التي بلغت نسبتها 70% منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، والنتائج التي حققتها في مجموعة العشرين وبلوغها المرتبة الثانية كأسرع نمو بين اقتصادات المجموعة.

وكشف معاليه عن النمو الكبير في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تجاوزت قيمتها الأهداف المحددة العام الماضي التي بلغت 26 مليار دولار، ونمو عدد التراخيص للشركات الدولية التي زادت بعشرة أضعاف عن ما كانت عليه قبل رؤية 2030 مما يعكس تقدمًا كبيرًا في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة.

540 شركة عالمية لها مقرات إقليمية في السعودية:

أوضح معالي المهندس خالد الفالح، أن برنامج المقرات الإقليمية، كان يستهدف استقطاب 500 مقر إقليمي بحلول عام 2030، وتجاوز هذا الهدف، حيث وصل اليوم إلى 540 شركة عالمية اختارت الرياض مقرًا إقليميًا، مفيدًا أن المملكة أصبحت مركزًا اقتصاديًا في الشرق الأوسط.

واستعرض معاليه الإنجازات الكبيرة المحققة في القطاع السياحي، ومنها تسجيل 100 مليون زيارة سياحية خلال العام الماضي، وزيادة عدد رخص المستثمرين الأجانب عشرة أضعاف منذ انطلاق رؤية 2030.

وبين أن ثقة المستثمرين قد ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالمدة السابقة، كما أن قطاع السياحة قد عاد إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، مشيدًا بالتغيرات التقنية الهائلة التي يشهدها العالم حاليًا، مثل التحول نحو الطاقة الخضراء، ودور الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن هذه التطورات لا تعزز الأسواق الرأسمالية فحسب، بل تفتح فرصًا جديدة لإعادة التوازن في التنافسية العالمية بين الشركات والدول، إذا وجدت الدعم المناسب من الأنظمة والبنية التحتية سيسهم في بناء مستقبل اقتصادي أفضل.

إيلون ماسك .. عدد الروبوتات سيتخطى البشر بحلول 2040:

قال إيلون ماسك، خلال مداخلة مباشرة عبر الفيديو ضمن فعاليات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، إن الذكاء الاصطناعي قد يشكل تهديدًا للبشرية، لكنه في الوقت نفسه من أهم التقنيات التي نعمل على تقديمها، وتوقع تجاوز عدد الروبوتات الشبيهة بالإنسان، لتعداد سكان الكرة الأرضية، بحلول عام 2040.

وقال ماسك إنه سيكون هناك قرابة 10 مليارات روبوت بحلول 2040، بسعر يصل إلى 25 ألف دولار لكل روبوت قادر على أداء مهام متعددة.

وتوقع ماسك أن الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2029 سيتمكّن من أداء أي مهمة يقوم بها البشر، مشيرًا إلى الحاجة الملحة إلى المهارات العالية في الحوسبة والحول التقني، التي قد تمتلكها فقط عدد قليل من الشركات. وقال: “ستكون لكل دولة مجمعات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها مع مرور السنوات، وحاليًا قد يكون من الصعب معرفة كيفية بنائها والعمل عليها وإدارتها”.

الذكاء الاصطناعي الفائق سيكون موجودًا بحلول عام 2035:

شهد اليوم الأول من المؤتمر بعض الجلسات الحوارية التي ناقشت قطاع الذكاء الاصطناعي والشركات العاملة فيه، خصوصًا وسط تساؤلات بشأن حجم الاستثمار الضخم الذي تخصصه الشركات الكبرى لتطوير هذا القطاع.

وأكد ماسايوشي سون، رئيس مجموعة (سوفت بنك)، العملاقة في مجال الاستثمار التكنولوجي، أن الذكاء الاصطناعي الفائق سيكون أذكى بعشرة آلاف مرة من الدماغ البشري وسيكون موجودًا بحلول عام 2035.

وأشار سون إلى أن الشركات التي تستثمر في مجال الذكاء الاصطناعي الفائق ستحقق عوائد استثمارية تصل إلى 50%. وبرر هذه التوقعات المتفائلة بالحاجة الملحة إلى هذا النوع من الذكاء في مختلف المجالات، التي ستدفع الحكومات والشركات إلى ضخ استثمارات ضخمة في هذا القطاع.

 استثمارات ضخمة وتحديات كبيرة:

توقع سون أن يحتاج تطوير الذكاء الاصطناعي الفائق إلى استثمارات ضخمة تقدر بنحو 9 تريليونات دولار، وذلك لتغطية تكاليف تطوير الرقاقات الإلكترونية المتخصصة وبناء البنية التحتية اللازمة. ومع التكاليف الباهظة هذه، يرى سون أن العوائد المتوقعة من هذا القطاع ستكون أكبر بكثير، إذ يتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 5% من الناتج الإجمالي العالمي خلال السنوات العشر المقبلة.

ولهذا السبب، يجادل سون بأن شركة إنفيديا – حاليًا الشركة الأكثر قيمة في العالم – تُقدر بأقل من قيمتها الحقيقية. قائلًا “أعتقد أن إنفيديا تُقدر بأقل من قيمتها الحقيقية لأن المستقبل أكبر بكثير”.

ومع ذلك يواجه تطوير الذكاء الاصطناعي الفائق تحديات كبيرة أبرزها التكاليف الباهظة لاستهلاك الطاقة والموارد المالية الضخمة التي تتجاوز قدرات معظم الدول. علاوة على ذلك، هناك مخاطر كبيرة تتمثل في عدم تحقيق النتائج المتوقعة، فقد فشلت شركات كبرى في تحقيق أهدافها في مجال الذكاء الاصطناعي.