لقد أظهر الواقع المعزز احتمالية تأثيره بشكل كبير في طريقة معيشتنا وعملنا. فمن خلال إضافة تراكيب وعناصر من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي، ظهرت احتمالات لا نهائية في كيفية تواصلنا مع بعضنا، واستيعاب المعلومات، ورؤية العالم.
لكن الواقع المعزز لم يرقَ بعدُ إلى مستوى التوقعات. فبالرغم من ظهور بعض النماذج منه كالفلاتر المتوفرة في منصات التواصل الاجتماعي مثل: إنستاجرام وسناب شات، وبعض الألعاب مثل لعبة Pokemon Go، لم تغيّر هذه التقنية حياتنا اليومية بشكل فعلي وملحوظ حتى الآن.
وأحد أهم الأسباب لعدم انتشار الواقع المعزز على نطاق واسع حتى الآن هو قلة استخدام الأجهزة الداعمة لهذه التقنية، فالأشخاص الذين يستخدمون النظارات الذكية للواقع المعزز حاليًا قليلون جدًا، لكن الأمر في ازدياد مُستمر، ومن المُحتمل أن ينمو سوق النظارات الذكية العالمي بمقدار 7297.59 مليون دولار بين عامي 2023 و2027.
ومع ظهور قطاعات جديدة مثل الميتافيرس وشبكات 5G، فإن انتشار الواقع المعزز يحتاج فقط إلى بعض الوقت حتى ينتشر بشكل أوسع.
ما هو الوضع الحالي للواقع المعزز؟
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
تظهر تطبيقات الواقع المعزز في الوقت الراهن في شكل شاشات العرض الرأسية التي تعمل باستخدام تقنية HUDs، وهي شاشة شفافة تعرض البيانات دون تشتيت الانتباه. بالإضافة إلى أجهزة عرض على مستوى الرأس مثل: النظارات التي طُوّرت في الأصل للطيران العسكري بحيث تسمح للجنود برؤية البيانات ومشاركتها لحظيًا، مثل: الخرائط أو مواقع العدو.
ويُستخدم HUDs في قطاعات أخرى، مثل: السيارات والطائرات التجارية. وفي السيارات يمكن لتلك الشاشات عرض المعلومات الأساسية فوق الزجاج الأمامي للسائق، مثل الاتجاهات دون إبعاد عيني السائق عن الطريق.
وقد نفّذت هذا النوع من الواقع المعزز بعض شركات تصنيع السيارات مثل كيا، التي أضافت HUD في بعض إصداراتها مثل Kia EV6 وKia Niro وغيرهم.
من ناحية أخرى يظهر تطبيق آخر يحاكي الواقع المعزز وهو (الواقع المساعد) Assisted Reality، الذي يشبه الواقع المعزز في تلك البيانات التي تُعرض على شاشة في بيئة المستخدم، ولكنها أقل شمولاً.
وقد طورت شركة RealWear أجهزة الواقع المساعد القابلة للارتداء مثل الأجهزة المثبتة على الرأس لاستخدامها في مجالات متعددة، مثل: الرعاية الصحية والتصنيع وغيرها. وتتمثل أهداف الواقع المساعد في الحفاظ على انتباه المُستخدم وإدراكه للأوضاع في العالم الحقيقي من خلال خط رؤية مباشر.
ومن الأمثلة على أجهزة RealWear المثبتة على الرأس، تلك التي تُستخدم لدعم عمل المهندسين عن بُعد. إذ تتيح هذه الأجهزة القابلة للارتداء للمهندس الموجود في بلد معين إرسال البيانات إلى خبير بعيد في بلد آخر. ويمكن لهذا الخبير رؤية المشكلة بوضوح، والمساعدة في تحديد سببها، ومساعدة المهندس في إجراء الإصلاحات دون الاضطرار إلى التنقل.
كيف سيبدو المستقبل القريب بالنسبة للواقع المعزز والنظارات الذكية؟
مع اقتراب أشهر شركات التكنولوجيا، مثل جوجل، وآبل، وماجيك ليب، من إطلاق نماذج جديدة للنظارات الذكية، تزداد احتمالية أن تغيّر هذه النظارات تجربة المستخدم ونمط حياته.
ولكن يبدو أن تطورات الواقع المعزز ومستقبله يعتمدان إلى حد كبير على الجيل الخامس من شبكة الإنترنت 5G. إذ يجب أن تقدم 5G أداء أسرع بكثير للواقع المعزز، ليسمح باستخدام النظارات والخوذ في حالات معينة مثل القدرة على تدريب شخص ما عن بُعد، أو تقديم توجيهات الإصلاح من الخبراء عن بُعد في مجالات الصيانة، وتعاون الفرق مع بعضها.
من ناحية أخرى، سيسمح الواقع المعزز الذي يدعم 5G لجميع المشاركين في اجتماع افتراضي أو عرض تقديمي بالحصول على المعلومات نفسها لحظيًا، والتفاعل مع المحتوى الرقمي في الوقت الفعلي، وبشكل تعاوني.
ولكن ما زال أمام شبكات 5G اليوم طريق طويل للوصول إلى دعم الواقع المعزز والواقع الافتراضي بشكل كامل. في غضون ذلك، من المحتمل أن نستمر في رؤية تطبيقات النظارات الذكية المبتكرة في الظهور، مثل استخدام مكتب الجمارك الياباني لها لمعالجة التهريب حيث يمكن لمسؤولي الجمارك مشاركة صور البضائع لحظيًا مع المسؤولين ذوي الخبرة في أماكن أخرى.
وبينما ننتظر وصول شبكة 5G إلى إمكاناتها الكاملة، قد نبدأ بالتعود على ارتداء النظارات الذكية منذ الآن.