تواصل المملكة العربية السعودية تحقيق طموحاتها في أن تصبح مركزًا عالميًا رائدًا في مجال التقنية المالية “فنتك “، التي تمثلت من خلالمستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي أحد برامج رؤية المملكة2030.
ويستعرض أحدث تقرير لـ كي بي إم جي، بعنوان “فتح آفاق المستقبل: نظرة عامة على فرص التقنية المالية في المملكة العربية السعودية”، وقد نُشر التقرير في ختام مؤتمر التقنية المالية 24 “فنتك”؛ وهي الحدث الرئيسي الذي يعقده برنامج تطوير القطاع المالي والبنك المركزي السعودي “ساما” وهيئة السوق المالية وهيئة التأمين وينظم من خلال التحالف بين مبادرة التقنية المالية وإينفورما والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز وصندوق الفعاليات الاستثمار، بحيث يستعرض المؤتمر مشهد التقنية المالية المتوسع بسرعة في المملكة، مع تسليط الضوء على محركات النمو والاتجاهات الناشئة والفرص الإستراتيجية للمستثمرين والشركات.
ويشير التقرير إلى أنَّ سوق التقنية المالية “فنتك ” قد واجه في النصف الأول من عام 2024تحديات كبيرة تمثلت في حالة عدم اليقين الجيوسياسي وارتفاع أسعار الفائدة ومع ذلك تزايد الاستثمار في التقنية المالية بين سبتمبر 2020وحتى ديسمبر 2023، حيث استقطبت فنتك السعودية استثمارات بقيمة تتجاور 1.14 مليار دولار،بقيمة استثمارات تتجاوز 791مليون دولار خلال 2023، بزيادة تقدر بنحو 231 في المائة، عن نفس الفترة للعام الماضي.
وفي هذا الصدد، قال أنتوني رودنكلاو، رئيس قسم الابتكار في الخدمات المالية والتقنية المالية في كي بي إم جي العالمية: “إنَّ الرؤية الإستراتيجية للمملكة العربية السعودية تعزز وتغذي ثورة التقنية المالية، ويمثل النمو في المدفوعات الرقمية والخدمات المصرفية المفتوحة بداية التحول المالي الذي سيعيد تشكيل اقتصاد المملكة”.
وقد أدى التزام المملكة بالتقنية المالية، الذي يدعمه برنامج تطوير القطاع المالي و إستراتيجية التقنية المالية، إلى زيادة كبيرة في الاستثمارات والشركات الناشئة وتبني المدفوعات الرقمية؛ حيث ارتفع عدد شركات التقنية المالية من 89 شركة في عام 2021 إلى 226 شركة في عام 2023، متجاوزًا بذلك أهداف برنامج تطوير القطاع المالي،كما ساهمت الهيئات التنظيمية، مثل: البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية بدور محوري، من خلال ما تقدمه من مبادرات، مثل:المختبرات التنظيمية وأطر الخدمات المصرفية المفتوحة.
وتعليقًا على ذلك، قال أويس شهاب، رئيس قطاع الخدمات المالية لدىشركة كي بي إم جي في السعودية: “لقد بنت المملكة العربية السعودية منظومة مواتية لازدهار شركات التقنية المالية؛ فالمحفزات القوية المدعومة من الجهات التنظيمية، والقدرة على الوصول إلى رأس المال، والتعاون بين القطاع المصرفي، إلى جانب التركيبة السكانية المواتية؛جعلت منها مكانًا يستحق المتابعة والترقب.”
وتشمل محركات النمو الرئيسية التحول نحو مجتمع غير نقدي، حيث تتجاوز المدفوعات غير النقدية 70% في عام 2023. وقد أثبتت البنية التحتية القوية للمدفوعات، مثل: “مدى”، التي شهدت زيادة بنسبة 71% عامًا بعد عام في معاملات التجارة الإلكترونية في الربع الثالث من عام 2022، و”سداد”، أنَّ لهما أهمية مركزية، كما يؤكد ترخيص البنك المركزي السعودي لـ 27 شركة لتقديم خدمات الدفع التزامه بمسيرة التحول.
ولا تقتصر التطورات في القطاع على أنواع المدفوعات ونقاط البيع فقط، بل اتسعت، لتشمل الأمن السيبراني وحماية البيانات، والتكنولوجيا التنظيمية، وإقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطةالحجم، والتمويل التجاري، والتكنولوجيا المناخية، والخدمات المصرفية المفتوحة، وأسواق رأس المال والادخار والخدمات المصرفية الرقمية.
كما تكتسب خيارات التمويل البديلة، مثل: القروض غير المنتظمة والتمويل الجماعي زخمًا، حيث زاد عدد عملاء القروض غير المنتظمة من 76 ألفًا في عام 2020 إلى 10 ملايين في عام 2022، وبلغ التمويل الجماعي للديون 771 مليون ريال سعودي في عام 2022، بزيادة قدرها 2.5 ضعفًا عن العام السابق؛ مما يسلط الضوء على إمكانات نمو هذا القطاع.
وقد ساهم النهج الاستباقي الذي ينتهجه البنك المركزي السعودي “ساما” تجاه الخدمات المصرفية المفتوحة، بما في ذلك إطلاق مختبر الخدمات المصرفية المفتوحة في عام 2023، في تسريع تبني التقنية المالية، وفي الوقت نفسه، ومع وجود أكثر من 1.3 مليون منشأة صغيرة ومتوسطة الحجم، تحظى حلول التقنية المالية بين الشركات بطلب متزايد، حيث تعالج التحديات في الوصول إلى الائتمان ومعالجة المدفوعات وإدارة الشؤون المالية.
وبالنظر إلى المستقبل، نرى أنَّ المملكة العربية السعودية تستثمر الكثير في تقنيات، مثل: Web3، وmetaverse، والواقع المعزز، ويتجلى ذلك في استثمار نيوم 50 مليون دولار أمريكي في الشركات الناشئة Web3، كما يساهم تركيز المملكة على ابتكارات الطاقة النظيفة في دفع الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ والتمويل المستدام، حيث تم استثمار 443 مليون دولار أمريكي بين عامي 2018 و2023، كما يستعد قطاع الخدمات المصرفية الرقمية لتحقيق النمو، حيث تمَّإصدار ثلاثة تراخيص وبنكين رقميين في مراحل تجريبية في عام 2023 بعد موافقة البنك المركزي السعودي، ليتم العمل بشكل عام بعد ذلك، ومن المتوقع أن يدفع ذلك المزيد من الابتكار.
وتقدم هذه الاتجاهات فرصًا للمستثمرين والمؤسسين والمنظمات الراسخة، وقد ختم السيد شهاب حديثه قائلًا: “تقدم القطاعات ذات النمو المرتفع، مثل: المدفوعات الرقمية والتمويل البديل والخدمات المصرفية المفتوحة وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة عوائد مميزة،وبالنسبة للمؤسسين، تتوافر فرص التوسع بكثرة، مع أمثلة ناجحة مثل:تامارا وتابي التي وصلتا إلى أن تصبحا من شركات اليونيكورن في مجال القروض. كما يمكن للمنظمات الراسخة الاستفادة من التعاون مع شركات التقنية المالية للوصول إلى الابتكار والمرونة وشرائح جديدة من العملاء.”