باحث إسرائيلي: سقوط الأسد ضربة لمحور المقاومة ويجب استغلالها لمهاجمة إيران

يحذر باحث إسرائيلي من تبدد جهود جيش الاحتلال في الحرب في جبهاتها المختلفة، في ظل استمرار فقدان إستراتيجية عامة لدى إسرائيل، داعياً لمحاولة بناء علاقات مع سوريا، ولضرب إيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

في مقال نشره موقع معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، يقول تشاك فرايليخ، نائب مستشار الأمن القومي سابقاً: “صحيح أن سقوط النظام السوري السابق هو أمر يبعث بالدفء إلى القلب، لكن السؤال الأعمق هو: هل يخدم هذا الأمر مصالح إسرائيل؟ وكيف؟

تُفضّل إسرائيل دائماً وجود دولة مستقرة ذات سيادة على حدودها بدلاً من ميليشيات، وخصوصاً إذا ما كانت تلك الميليشيات إسلامية متطرفة، إذ حافظ النظام السوري السابق، على الأقل، على حدود هادئة لمدة 50 عاماً”.

ويرى أنه من الممكن أن يفضل المتمردون التركيز أولاً على ترسيخ حكمهم بدلاً من مواجهة إسرائيل، لكن بعضهم تحدث فعلاً عن نياتهم البعيدة المدى.

من هنا يستنتج الباحث الإسرائيلي بأنه يجب إتمام الهجوم الذي يشنه الجيش الإسرائيلي، والهادف إلى منعهم من السيطرة على المقدرات العسكرية السورية، التقليدية وغير التقليدية، والمعروفة وغير المعروفة (بما في ذلك آلاف الدبابات، والمدافع، والصواريخ، والأسلحة الكيميائية، وربما حتى مكونات برنامج نووي معاد تجديده).

ويرى فرايليخ أيضاً أنه على إسرائيل أن تعمل الآن على تجديد التعاون (بما في ذلك الطبي) الذي كان قائماً في السابق مع مجموعات متمردة معتدلة، وتعزيز التعاون مع الدروز والأكراد، باعتبارهم عوامل موازنة أمام المتمردين الإسلاميين والنفوذ التركي المتزايد في سورية.

وبالتوازي، فمن الضروري العمل على تقليص أي ارتباط مستقبلي بين سوريا وإيران و”حزب الله”.

تراجع محور المقاومة

طبقاً للباحث الإسرائيلي، المتحدث بقاموس طائفي إسرائيلي تقليدي ينم عن عقلية “فرق تسد”، أدى سقوط النظام في سوريا فعلاً إلى تراجع الوجود العسكري الإيراني و“حزب الله” على أراضيها، واستبداله بعناصر سنية “متطرفة”، وهو ما سيصعب مرور المساعدات إلى “حزب الله” في لبنان عبر سوريا.

ويضيف هنا: “مع ذلك، فسيتعين على إسرائيل الاستمرار في العمل لإحباط نقل الأسلحة، عبر وسائل عديدة، منها غارات جوية على غرار تلك التي نفذتها خلال السنوات الأخيرة، وبقدر الإمكان، عبر التعاون مع القوى الجديدة الفاعلة في سوريا”.

ويعتبر أن “انهيار محور المقاومة” سيسهل على إسرائيل العمل على تثبيت وقف إطلاق النار وضمان حدود هادئة مع لبنان، وأيضاً تشجيع إطلاق عمليات داخلية لبنانية تهدف إلى إضعاف “حزب الله”.

ووفق مزاعمه، أصبح واضحاً للجميع في لبنان أن “حزب الله”، المدعوم من إيران، لا يحمي الدولة، إنما يدمرها، ومن المتوقع أن تدفع عزلة “حزب الله”، نتيجة أحداث سوريا هناك، والضربات التي تلقّاها في الأشهر الأخيرة، إلى احترام وقف إطلاق النار.

وضمن توصياته، يقول الباحث الإسرائيلي إنه من أجل تعزيز هذه الاتجاهات، يجب على إسرائيل العمل مع الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى لتعزيز حكومة لبنان وجيشها، والتخفيف من حدة الأزمة السياسية والاقتصادية في البلد، لكن أيضاً فرض عقوبات عليها إذا لم تتعاون.

المشروع النووي الإيراني

ويقول فرايليخ إن مخاوف النظام الإيراني من امتداد الأحداث في سوريا إلى أراضيه، ومن تضرر محور المقاومة بصورة عامة، وقدوم دونالد ترامب، ربما تدفعه إلى السعي لتحقيق قدرة نووية تشغيلية.

ويضيف: “مع ذلك، فإن هذه المخاوف تشجعه أيضاً على التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة. وتكمن الطريقة الأمثل لمنع إيران من تحقيق تقدم نووي في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، إذ إن الاتفاق وحده يمكن أن يحقق وقفاً طويل الأمد لبرنامجها النووي، وعلى إسرائيل أن تعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة لتعزيز استعدادها لإجراء مفاوضات مع إيران بشأن اتفاق جديد، وفي الوقت ذاته، احتواء نشاطها الإقليمي الخطر”.

وحسب مزاعم فرايليخ، يشكل سقوط النظام السوري ضربة قاسية لإيران ومحور المقاومة، وهما العنصران الأساسيان اللذان يزعزعان الاستقرار في المنطقة، كما أنهما الخصمان المشتركان لنا وللدول السنية المعتدلة؛ فهذه الدول تخشى، كما نخشى نحن، أن تُحدث الأحداث في سوريا موجات ارتدادية إقليمية تهدد استقرارها الاجتماعي وأنظمتها.

ويضيف: “كما هو حالنا، فإن هذه الدول لا تملك علاقات واسعة مع المتمردين، لكنها تملك القدرة على تطوير هذه العلاقات، والاستثمار في إعادة إعمار سوريا، والعمل معنا على استقرار الجبهة الشمالية. لقد تعاونت معنا هذه الدول مرتين خلال السنة الماضية في التصدي لهجمات صاروخية إيرانية ضد إسرائيل، والآن هناك فرصة لتعميق العلاقات معها”.

نهاية الحرب

ويرى فرايليخ أن الحرب في القطاع لن تنتهي إلا باتفاق، ولن تنهيها أي خطوات عسكرية إضافية، ويعلل ترجيحه بالقول إن انهيار محور المقاومة يزيد من الضغط على حركة “حماس” للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، ويمكن من بناء بديل سلطوي في غزة بالتعاون مع الدول المعتدلة والسلطة الفلسطينية.

كما يقول إن اتفاقاً كهذا سيسمح أيضاً بإنقاذ الأسرى الذين تركتهم حكومة إسرائيل بلا حماية، وإنه لو كانت إسرائيل قد التزمت أفقاً سياسياً على الساحة الفلسطينية، لَساهم ذلك في تشكيل جبهة إقليمية ضد إيران.

ويرى أن المحافظة على العلاقات الخاصة والتنسيق مع الولايات المتحدة هو أمر مهم جداً، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضية السورية، ومحور المقاومة بصورة عامة، فهذه العلاقة معها لا تقلّ عن كونها مصيرية، ولن يمكننا تلافي المخاطر الكامنة في انهيار سوريا إلا عبر تنسيق مكثف مع واشنطن، كما لن يمكننا، من ناحية أخرى، استغلال هذا الانهيار لكبح إيران فعلياً ومواجهة برنامجها النووي بأفضل طريقة ممكنة إلا عبر التنسيق معها.

ويرى أن هذا التنسيق سيكون بالغ الأهمية، وخصوصاً مع الرئيس الأمريكي المتقلب المزاج ترامب، والذي يبدو أن التزامه الوحيد هو مصلحته الشخصية، وليس السياسات أو الدول أو القيم.

ويخلص الباحث الإسرائيلي للقول: “صحيح أن محور المقاومة تلقى ضربة قاصمة، لكن من دون أن تكون لدينا إستراتيجيا شاملة (وليس مجرد شعارات فارغة)، فسيتبدّد الجهد الكبير الذي بذله جيش الدفاع الإسرائيلي، وسيذهب أدراج الرياح. سيذهب هذا الجهد الذي دفعنا فيه أثماناً باهظة سدى على يد قيادة سياسية فاسدة أسيرة لنزوات مسيانية غيبية. ما تبقى أمامنا هو الإطاحة بنظام آخر في المنطقة، وكلما كان ذلك أسرع، كان أفضل”.