النداء الدولي جاء بعد تدهور الوضع الأمني بين لبنان وإسرائيل والذي أنذر بإمكانية تحويل التصعيد بين الطرفين إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه، خصوصاً أن هناك مخاوف من أن يدفع بتصعيد إقليمي أوسع نطاقاً.
إن حضور الرئيس نجيب ميقاتي في مشاورات وكواليس اجتماعات نيويورك هو المؤشر الأول على أن الرجل حمل معه هامشاً للمفاوضات (أي تفويض من قبل حزب الله) بالتنسيق وبتشجيع من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
لكن هذا ليس كافياً، فالتسوية المطروحة كما بات معلوماً على حزب الله جاءت على تصورين: الأول فرنسي وهو إعداد مشروع قرار جديد يصدر عن مجلس الأمن لوقف إطلاق النار على أساس القرار 1701، مع إضافات تلبي المطالب الإسرائيلية، والثاني أمريكي وهو على نسق المقترح الذي حمله معه الموفد الأمريكي أموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة إلى المنطقة وبيروت، يضاف إليه مقدمة لوقف إطلاق النار لفترة محددة من أجل تسهيل التحرك واستكمال المفاوضات.
الجميع أدلوا بدلوهم، وينتظرون الرد الذي سيأتي من طرفي الصراع القائم، إذ بعث كل منهما بإجابات أولية، فحزب الله عبر مكتب ميقاتي قال إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رحب بالنداء الدولي المشترك لكنه لم يوقع أي اتفاق، وإسرائيل ردت عبر مكتب نتنياهو أنه لم يوافق على أي هدنة وأعطى أوامره باستكمال الحرب على الحدود الشمالية.
إن الأمور ما زالت على درجة من التعقيد الذي يكمن في مسألة «فك الارتباط» بين غزة ولبنان، فأحد الشروط الإسرائيلية للسير بالهدنة أن تكون التسوية مع حزب الله منفصلة عن وقف الحرب في غزة، أما حزب الله فبقي حتى الساعة على موقفه وفقاً لما تسرب عنه، وهو التمسك بالربط بين الجبهتين.
ويرى مراقبون أن التمسك بهذين الشرطين من كلا الطرفين قد ينسف الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي بذلت في الساعات الماضية والتي كانت خطوة جيدة ولكنها أيضاً غير كافية، طالما أن لا ركائز عملية لها على أرض الواقع، كونها غير قادرة على تطوير هدنة الـ21 يوما المعلن عنها وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار لتتم ترجمتها فيما بعد إلى تسوية.
الشكوك وفقاً للمراقبين تلف حول قدرات الإدارة الأمريكية إدارة بايدن التي تعيش أيامها الأخيرةـ وأقصى طموحاتها تجميد الحرب لتمرير انتخاباتها الرئاسية، لذلك يعتقد المراقبون أن التعاطي الأمريكي مع مفاوضات لبنان سيكون على نسق تعاطيه مع مفاوضات غزة، أي «تمرير الوقت»، كما أن هناك شكوكا بموقف نتنياهو الذي يكرر مع حزب الله ما فعله مع حماس، لجهة رد الكرة إلى ملعبه وتحميله مسؤولية رفض العروض والحلول السياسية، وبالتالي الاستمرار بلعبة النار.
الكرة اليوم في ملعب حزب الله وحده، فهل يتوقف عند هذا الحد من الخسائر أم أنه يملك ما يضغط به لإعادة ميزان الردع إلى صورته الأولى، وبالتالي تحسين شروط التفاوض؟