نازحو غزة.. معاناة لا تنتهي في مواجهة طقس بارد وإبادة إسرائيلية

في ساعات الصباح الباكر حيث البرودة القارسة، يواجه نازحو غزة ظروفا معيشية قاسية في خيام مصنوعة من النايلون والقماش في ظل الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 16 شهرا. وداخل الخيام المهترئة المنتشرة في كل مكان في القطاع، يفتقر النازحون إلى أبسط مقومات الحماية من برودة الأجواء ومخاطر المنخفضات الجوية.

وبينما تنتظرهم موجات جديدة من العواصف والأمطار على مدار فصل الشتاء، تتزايد المخاوف في صفوفهم من أن تجتاح المياه خيامهم وتجرفها تاركة إياهم بلا مأوى. وفي ظل استمرار الإبادة والحصار الذي شددته إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والمتواصل منذ 18 عاما، يحاول الفلسطينيون بشق الأنفس إشعال مواقد بسيطة باستخدام الورق وبعض قطع الخشب، لتجهيز الطعام مستغلين ذلك للحصول على دفء مؤقت لا يكفي لتخفيف معاناتهم.

النازح غازي أبو شعبان، أحد سكان مخيمات النزوح في دير البلح وسط القطاع، وصف الحال قائلا: “في وقت الصباح والليل البرد قارس جدا، ولا نعلم ماذا نفعل سوى إشعال النيران لنحصل على القليل من الدفء”. وأضاف: “نخشى من منخفض جوي جديد كسابقه يغرقنا بالمياه ويقتلع خيامنا البدائية”. وتابع أبو شعبان: “الأطفال يعانون بشكل كبير من البرد، في ظل نقص الفراش والغطاء ووسائل التدفئة”.

نازحو غزة وسط خيام مهترئة
من جانبه، عبّر النازح عيسى الحلاق عن قلقه الشديد من الأيام القادمة قائلا: “نعيش منذ بداية الحرب في خيمة مهترئة، ونخشى من منخفض جديد في ظل انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير”. وأضاف: “أطفالي يواجهون خطر الموت من البرد، ولا يمكننا إشعال النار طوال الوقت بسبب نقص الورق والخشب”.

ورغم قسوة الظروف، يحاول الأطفال اللعب أمام الخيام باحثين عن فسحة من الفرح وكسب القليل من الدفء عبر الحركة. لكن مشهد الأطفال الباسمين لا يخفي حقيقة المعاناة التي تعيشها عائلاتهم، وهم يكافحون لتأمين الدفء في ظل ظروف إنسانية صعبة خلفتها الإبادة الإسرائيلية.

وبحسب الأرصاد الجوية الفلسطينية عبر موقعها الإلكتروني، تشهد المنطقة أجواء شديدة البرودة مع احتمال زخات مطرية متفرقة وعواصف رعدية خلال ساعات المساء والليل، ما يزيد من صعوبة الأوضاع الإنسانية في القطاع جراء الإبادة.

وفيات البرد
والأحد، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن “الطقس البارد وانعدام المأوى يتسببان في وفاة أطفال حديثي الولادة في غزة، فيما يفتقر 7 آلاف و700 طفل حديث الولادة إلى الرعاية المنقذة للحياة”. وفي ظل موجة البرد التي تضرب القطاع، قال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي، للأناضول، إن “110 آلاف خيمة أصبحت غير صالحة للاستخدام بعد تهالكها من أصل 135 ألف خيمة، بنسبة 81 بالمئة من مجموع عدد خيام النازحين في غزة”.

وأشار الثوابتة إلى أن “عدد الوفيات بين النازحين بسبب البرد والصقيع ارتفع إلى ثماني حالات (بينها سبعة أطفال)، والعدد مرشح للزيادة في ظل الظروف المأساوية”. وأضاف: “النازحون، الذين دمر الاحتلال منازلهم، يعيشون في خيام منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بينما يهدد اقتراب المنخفضات الجوية وموجات الصقيع بمزيد من الوفيات والمعاناة”. وحذر الثوابتة من خطورة استمرار الأوضاع المأساوية في ظل الهجمات الإسرائيلية التي دمرت المنازل والقطاعات الحيوية وشرّدت آلاف الفلسطينيين.

وخلال الأيام الماضية، ضرب قطاع غزة منخفض جوي أدى إلى اقتلاع آلاف الخيام وغرق العديد منها، ما فاقم معاناة النازحين الذين يعيشون ظروفا إنسانية صعبة جراء نقص إمدادات المياه والطعام.

وبدعم أميركي، أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة عن أكثر من 155 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم. وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.