أجمع خبراء عسكريون، أن عملية كتائب القسام في إيقاع قوة إسرائيلية في جباليا بين قتيل وجريح وأسير، بعد استدراجها والاشتباك معها من مسافة الصفر، “فخًا إستراتيجيًا”، سيغير وجه المعركة، وسيفرض قوة شروط جديدة على الهدنة.
ومن جهته، قال الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي إن صور الإيقاع بقوة إسرائيلية في جباليا شمالي قطاع غزة سيكون لها ما بعدها، مشيرا إلى احتمالية تسريب معلومات خاطئة للاحتلال من أجل إيقاع مزيد من أفراده في الأسر.
وأعلن الناطق باسم كتائب عز الدين القسام عن قيام مقاتلين من الحركة بعملية عسكرية، تم فيها استدراج قوة إسرائيلية إلى داخل نفق في مخيم جباليا، مؤكدا سقوط قتلى وجرحى وأسرى من جيش الاحتلال لم يُحدد عددهم.
ولم يكشف أبو عبيدة الكثير عن هذه العملية، ولكن تم نشر فيديو قصير بعد خطابه يظهر فيه مقاتل من كتائب القسام يجر جنديا إسرائيليا داخل نفق، وتبدو عليه آثار دماء، ولم يتبين ما إذا كان قُتل أو جرح فقط، وخُتم الفيديو بجملة “هذا ما سُمح بنشره وللحديث بقية”.
وأضاف الفلاحي، أن ما تم نشره هو بداية الصورة وليس كلها، مرجحًا أن يتم الإعلان عن مزيد من المكاسب للمقاومة في هذه العملية.
وأضاف أن الجديد في هذه العملية هو أن من ذهبوا للبحث عن الأسرى وقعوا في الأسر، معربا عن اعتقاده بأن المقاومة ربما سرّبت معلومات للاحتلال تفيد بوجود أسرى في منطقة جباليا حتى تجره إلى مسرح عمليات متكامل جهّزته للإجهاز على مزيد من قواته وإيقاع مزيد من الأسرى والقتلى.
واستند الفلاحي، في حديثه، إلى العمليات النوعية التي تنشرها المقاومة يوميا والتي قال إنها تعكس الاستعداد الكبير من جانب الفصائل وتؤكد فداحة ما يتعرض له الاحتلال من خسائر في هذه المعركة.
ولفت إلى أن مثل هذه العملية تؤكد أن غرفة العمليات التي تدير معارك المقاومة على أعلى مستوى لأنها استدرجت القوة الإسرائيلية ثم تعاملت مع قوة الإسناد التي وصلت لإنقاذها، مشيرا إلى أن هذا كله جرى رغم الإسناد الجوي والمدفعي العنيف.
وخلص إلى أن مثل هذه العمليات ستكون فاصلة في عمر الحرب لأنها ترفع معنويات المقاومة وتكسر عزيمة الجنود الإسرائيليين، مؤكدا أن ما يجري يعكس فشلا إستراتيجيا وعملياتيا وتكتيكيا لجيش الاحتلال.
ومن وجه نظر أخرى، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، أن “إعلان القسام أسر جنود من الاحتلال في غزة يُعدّ ضربة قوية، ستغير شكل مفاوضات وقف إطلاق النار”.
ورجح الدكتور أبو زيد، أن تكون هذه العملية قد دفعت حكومة بنيامين نتنياهو إلى إعلانها المفاجئ السبت، بالذهاب مجددا باتجاه استئناف المفاوضات واستعدادها للانسحاب من معبر رفح.
وعن انعكاس هذه العملية على مفاوضات وقف إطلاق النار، قال أبو زيد، إن “الاحتلال بالتأكيد يدرك فاتورة التكاليف التي سيدفعها مقابل الأسرى العسكريين، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنه دفع فاتورة باهظة مقابل الأسرى المدنيين في صفقة شاليط، حيث كان ثمن الإفراج عنه الإفراج عن 1027 رهينة فلسطينيا كانوا في سجون الاحتلال”.
وحول تأثير هذه العملية، قال أبو زيد: “يبدو أن خسائر قوات الاحتلال في المعدات والقوى البشرية وعملية الأسر التي تحدث عنها أبو عبيدة يُفسر أكثر سبب ذهاب الاحتلال باتجاه خيار المفاوضات، الأمر الذي يؤكد تورطه بشكل سلبي في العملية العسكرية في رفح وجباليا”.
وأكد أن “خطاب أبو عبيدة ومحتواه يؤكدان أن البُعد الإعلامي للمقاومة لا يزال متماسكا في ظل إعلام دفاعي من قبل قوات الاحتلال، يحاول فيه تبرير أو نفي ما يصدر عن المقاومة، ثم ما تلبث المقاومة أن تؤكد مصداقيتها من خلال تعزيزها للخطاب الإعلامي بالمقاطع المصورة”.
وتوقع الخبير العسكري نضال أبو زيد أنه “بعد كل هذه الخسائر التي تعرض لها الاحتلال وفقدان القدرة على الاستمرار بالعملية العسكرية، وارتباك القرارات العسكرية، أن تكون المفاوضات هذه المرة مختلفة من حيث الشكل والمضمون”.
وجاءت هذه العملية في الوقت الذي يزداد فيه ضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على حكومة الاحتلال لإعادة أبنائهم من الأسر، وبعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية أمرا بوقف إطلاق النار في رفح، وإصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين.