اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليس ورقة يمكن طيها، أو حدثاً يمكن تخطيه، فهذه العملية العسكرية الأعنف التي استهدفت «الرأس» في القيادة المركزية وأدّت إلى ما أدّت إليه، طرحت تساؤلات جدية رغم ظهور نائب الأمين العام نعيم قاسم (ليلملم ما يمكن لملمته) حول مستقبل منظمة حزب الله بعد غياب أمينها العام الذي أحدث بكل تأكيد فراغاً كبيراً إن داخل الحزب أو في البيئة الحاضنة، فضلاً عن تساؤلات كثيرة تتعلق بولائه ومشروعه وإستراتيجيته وإدارته العسكرية، وعن دوره السياسي في الداخل، وهل سيكون بنفس النهج والعنجهية؟. وآخر الأسئلة؛ هل هي نهاية حزب الله؟.
جسم من دون رأس
لقد سبق اغتيال حسن نصر الله، سلسلة ضربات دقيقة ومتلاحقة أصابت حزبه في الصميم، وليس مبالغاً القول إنها أصابته إلى حد النزف.
بدأت الضربات بالاغتيالات الممنهجة لكبار قادة منظومته، مروراً بعملية تفجير «البيجر»، وتفجير مخازن أسلحته وإحراق مراكزه ومعاقله في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في الجنوب اللبناني، لتبلغ ذروة العمليات، باغتيال الأمين العام وكأنها عملية إحراق لتاريخه وهويته.
حزب الله اليوم، يقبع تحت مجهر القاصي والداني، فهو من دون أدنى شك، يعيش هاجس الاختراق الأمني الأخطر في تاريخه، ومن دون أدنى شك هو غير قادر على مواجهة وحشية الحرب المستمرة، والكل لحَظَ ردوده الضعيفة، ومن دون أدنى شك، تُرك وحيداً في مواجهة مصيره بعدما تخلى عنه حلفاؤه، فهل حقاً باعوه وقبضوا ثمنه؟، أو أنهم ما زالوا يتاجرون بما تبقى منه طالما لم يجلس الجميع إلى طاولة المفاوضات لإعادة ترسيم المنطقة؟.
الخلافة ومصير الثنائي
الواقع المشار إليه، يشرّع أسئلة إضافية، هل يعيد ما تبقى من الحزب النظر في حساباتهم داخل لبنان وخارجه؟ هل هم يبحثون الآن عن مخرج من المأزق الذي وجدوا أنفسهم بداخله؟ هل هم قادرون على الاستمرار في ظل الشعور بالغبن والانكسار؟ هل هم قادرون على إعادة توازن الرعب إلى ما قبل اليوم الأسود، يوم تفجرت أجهزة «البيجر»، التي كانت الشرارة في إعلان الحرب المدمرة عليه؟
وماذا عن التداول باسم رئيس المجلس التنفيذي أو«الرجل الثاني»، هاشم صفي الدين كأبرز المرشحين لخلافة نصر الله رغم أنه شخص شبه مجهول من حيث الدور والشخصية القيادية؟ وإن كان بالمواصفات المطلوبة، هل هو قادر على ردم الفجوات الكبيرة والثقة المتصدعة بين من بقي من قياديين وعناصر ومحاربين؟ هل هو قادر على ملء الفجوة أو الفراغ الذي أحدثه اغتيال نصرالله والذي بدا واضحاً على وجه البيئة المصدومة والمفجوعة؟ هل هو قادر على تحميل المناصرين المزيد من المشاريع الداخلية والإقليمية التي تبيّن أنها تفوق قدرتهم وواقعهم؟
بالمقابل وفي سياق الأسئلة المتزاحمة، ما هو مصير الثنائي الشيعي «حزب الله وحركة أمل» تلك المعادلة التي أرساها حسن نصرالله نبيه بري؟ هل يرضى الرئيس بري بأي تغيير قد يطرأ على تلك المعادلة التي أمسك بها لعقود زمام البلاد؟ كيف سيواجه حزب الله مشروع قيام الدولة وبناء المؤسسات، وتطبيق الدستور، وتطبيق القرارات الدولية؟ هل هو لاعب في التوازنات الداخلية الجديدة؟
أما البيئة الحاضنة، التي وجدت نفسها وحيدة ومتروكة تواجه مصيرها في منتصف الطريق، هل تراجع أوضاعها وخياراتها لتتناسب مع وطنها لبنان الذي يتحضر للسير في نهج جديد؟
حزب الله بين زمنين
حزب الله قبل نصرالله ليس هو نفسه بعد نصرالله، فعلى الرغم مما قد توحيه القيادات المتوفرة على أرض الواقع، إلا أن المرحلة القادمة هي مرحلة اللا استقرار في صفوفه واللا استقرار مع حلفائه وشركائه في الوطن ومزيد من اللا استقرار مع معارضيه وخصومه في الداخل والخارج الذين وإن أخفوا عنه نظرات الضعف التي ينظرون بها إلى واقعه، إلا أنها ستبقى تلاحقه في كل الاستحقاقات التي تنتظر الجميع.