حمّل محللون إسرائيليون مع دخول الحرب عامها الثاني اليوم، الإثنين، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المسؤولية الكاملة عما يصفونه بـ”إخفاق 7 أكتوبر”، وما تلاه من إحباط إمكانية التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، مقرون بوقف إطلاق نار، لكنهم اعتبروا أن الجيش الإسرائيلي تدارك الوضع بسرعة وكرروا الادعاء بتحقيقه “نجاحات وإنجازات عسكرية”.
وحسب المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، فإن السنة الأولى للحرب “تنتهي بنغمة متفائلة”، وأن “ما بدأ بمجزرة وفشل قيادي وعسكري لا يوجد أخطر منهم ينتهي بإنجازات عسكرية ميدانية وبفرصة للتغيير، وربما السنة الثانية ستكون سنة تنفيذ وبشرى وسنة نظام جديد في الشرق الأوسط”.
لكنه تابع أنه “ربما العكس، أن تكون سنة إهدار فرص، وسنة انكسار. وأمور كثيرة متعلقة برئيس حكومة إسرائيل. ومثل إسرائيليين كثيرين، آمل أن ينجح لكني لا أعتمد عليه وعلى ثلة وزرائه، ولا أعتمد على نواياهم ولا على ترجيحهم الرأي”.
وأشار إلى أن “الضربة التي أنزلتها حماس على الجبهة الداخلية المدنية وعلى المشروع الصهيوني كله كانت أشد من أي تحدٍ عسكري، ولم يكن أبدا وضعنا في العالم، وكذلك في العالم اليهودي، أسوأ. وخلال أسبوع تحولنا من ستارتآب نيشن، علامة تقدم وتنوير، إلى جنوب إفريقيا في فترة الأبارتهايد”.
وأضاف برنياع أنه “قيل في السنة الحالية الكثير من الأمور مع وضد الحكومة لكن لم تُسمع تغريدة ضد الحرب واستمرارها، لا في جبهة غزة ولا في جبهة لبنان ولا في جبهة إيران. والانتقادات شديدة في الغرب ضد الحرب، وإجماع حولها في الديار”.
ولفت إلى أن “أضرار الساعات الأولى (هجوم “طوفان الأقصى”) لا يمكن إصلاحها. ونتنياهو وصف في خطابه في الأسبوع الماضي تحول منتظم ومدروس، بدايته في حرب غزة واستمر في لبنان. وقد تعهد ونفذ، لكن لا علاقة بين وصفه والواقع”.
واعتبر أن “هذه حرب غريبة” بادعاء أنه ليس بالإمكان التفاوض مع الحوثيين ومع حزب الله، “وكيف سنواجه النظام الإيراني الذي تبنى كراهية إسرائيل ليس كخطوة إستراتيجية وإنما كفكرة منظمة للإمبراطورية التي أقامها؟”.
وأضاف أن “القيادة الإسرائيلية تمتنع بشكل متعمد عن وضع نهاية للحرب وإستراتيجية خروج منها”. وأشار فيما يتعلق باجتياح جنوب لبنان، أنه “عندما تجاوزنا الحدود في حرب لبنان الأولى (العام 1982) قصفنا السكان بالأرز. واستغرق وقتا حتى أدركنا أن هذا لم يكن محبة، وإنما انتقال من رعاية إلى أخرى. فلكل حزب وطائفة يوجد وصي أجنبي له. جميعهم وكلاء. ولن يكون نظام جديد في لبنان طالما أن إيران تمسك بزمام الأمور”.
وختم برنياع أن “هذه حرب غريبة لأنها كشفت تعلق إسرائيل المقلق بالولايات المتحدة. فمنذ حرب 1956 (العدوان الثلاثي على مصر) لم تكن إسرائيل متعلقة بهذا الشكل في أمنها بدولة أجنبية. وأبواق الائتلاف يهاجمون بايدن بوحشية، لكن رؤساء جهاز الأمن يهاتفون واشنطن ويتوسلون لإمدادهم بالذخيرة. والأمر نفسه حاصل في تبادل إطلاق النار مع إيران: الدجاجة الإسرائيلية بإمكانها التحليق حتى ارتفاع الجدار الذي تقرره الإدارة الأميركية فقط. ونخوض حربا صعبة ومعقدة، ويفضل أن نعرف حدود القوة”.
الحرب ستطول وإسرائيل لم تحل أي مشكلة
وتوقع المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن “الحرب ستستمر عميقا إلى عامها الثاني، والواقع الإقليمي الجديد والعاصف سيؤثر على الشرق الأوسط كله في السنوات المقبلة”.
وشدد على أنه “ليس فقط أن إسرائيل لم تحل حتى الآن المشاكل التي ظهرت بعد هجوم حماس، وفي مقدمتها مصير 101 مخطوف في القطاع، وإنما تتطور الآن مخاطر وتعقيدات أخرى. والنجاحات مقابل حزب الله ما زالت لا تضمن استقرار الوضع الأمني بشكل يسمح بعودة السكان إلى بيوتهم على طول الحدود مع لبنان”.
وأضاف أن “المواجهة المباشرة، والأولى من نوعها، مع إيران من شأنها تسريع قرار النظام بالتقدم في البرنامج النووي ووصفها بأنها دولة عتبة نووية على الأقل. وقد تقف المنطقة كلها أمام هزة لم تشهد مثلها منذ زوال أحداث الربيع العربي، في نهاية العقد السابق”.
وشدد هرئيل على أنه “بخلاف كامل مع تفاهات الانتصار المطلق، التي ينثرها نتنياهو أحيانا، إسرائيل لا تقترب من حسم المواجهة مع أعدائها. ويرجح أكثر الاعتبار أن هذه حرب ستدور بشكل متقطع وبقوة متغيرة، طوال السنين المقبلة”.
ولفت إلى أن “الضربة التي تلقيناها في 7 أكتوبر الماضي فتحت المواجهة بفشل (إسرائيلي) مدوٍ، ومن شأن الانتعاش منه أن يطول لعقود كثيرة. كما تعرقلت مخططات الخصم وخاصة بعد نجاح هجوم حماس”.
وبحسبه، فإن “إيران تجد نفسها الآن بدون قسم كبير من صواريخها وطائراتها المسيرة بعد الهجومين على إسرائيل وأدت إلى نتائج ضعيفة. وليس فقط أن طهران تورطت مباشرة في مواجهة فضلت خوضها عن بعد ضد إسرائيل، بواسطة وكلاء، فإنه لم يعد بإمكانها استبعاد إمكانية هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، وخاصة في حال انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة”.
وتابع هرئيل أن “الإنجازات في القتال، في غزة وبالأساس في لبنان، لا يمكنها محو الانطباع الرهيب حيال 7 أكتوبر والذي يشعر به أي مواطن إسرائيل في هذا الصباح. لكن لا توجد هنا مسألة مشاعر فقط، ففي ذلك اليوم انهارت بديهيات أساسية للحياة في إسرائيل”.
وأردف أن “أجهزة الاستخبارات التي تباهت طوال سنين بقدرتها على الاختراق والتنصت على أجهزة العدو وجمع كميات معلومات هائلة منها، برزت في 7 أكتوبر أنها متعجرفة بالكامل، والقيادة الجنوبية للجيش وفرقة غزة نشرت الحد الأدنى من القوة القتالية قرب السياج المحيط بغزة، إثر الاستخفاف ذاته بالفلسطينيين، والجهاز العسكري الإسرائيلي انهار خلال دقائق”.